للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالمروءة، وحسن معاشرة المسلم، لا أَنَّ اختيار الفسخ حرام، قَالَ ابن حزم: احتجاجهم بحديث عمرو بن شعيب، عَلَى التفرق بالكلام، لقوله فيه: "خشية أن يستقيله"؛ لكون الاستقالة لا تكون إلا بعد تمام البيع، وصحةُ انتقال الملك، تستلزم أن يكون الخبر المذكور، لا فائدة له؛ لأنه يلزم منْ حمل التفرق عَلَى القول، إباحة المفارقة، خشي أن يستقيله، أو لم يخش.

(ثالث عشرها): قَالَ بعضهم: التفرق بالأبدان فِي الصرف، قبل القبض يبطل العقد، فكيف يثبت العقد ما يبطله؟.

وتعقب باختلاف الجهة، وبالمعارضة بنظيره، وذلك أن النقد، وترك الأجل شرط لصحة الصرف، وهو يفسد السلم عندهم.

واحتج بعضهم بحديث ابن عمر الآتي بعد بابين فِي قصة البكر الصعب (١) وسيأتي توجيهه وجوابه (٢).

واحتج الطحاوي بقول ابن عمر: ما أدركت الصفقة، حيّا مجموعا، فهو منْ مال المبتاع. وتُعقب بأنهم يخالفونه، أما الحنفية، فقالوا: هو منْ مال البائع، ما لم يره المبتاع، أو ينقله. والمالكية قالوا: إن كَانَ غائبا غيبة بعيدة، فهو منْ البائع، وأنه لا حجة فيه؛ لأن الصفقة فيه محمولة عَلَى البيع الذي انبرم، لا عَلَى ما لم ينبرم، جمعا بين كلاميه.

(رابع عشرها): قَالَ بعضهم: معنى قوله: "حَتَّى يتفرقا": أي حَتَّى يتوافقا، يقال للقوم: عَلَى ماذا تفارقتم: أي عَلَى ماذا اتفقتم.

وتعقب بما ورد فِي بقية حديث ابن عمر فِي جميع طرقه، ولاسيما فِي طريق الليث الآتية فِي الباب الذي بعد هَذَا. يعني الآتي للنسائيّ برقم ٤٤٧٣ و٤٤٧٤.

(خامس عشرها): قَالَ بعضهم: حديث "البيعان بالخيار" جاء بألفاظ مختلفة، فهو


(١) وقصّة البكر الصعب هو ما أخرجه البخاريّ فِي "صحيحه" ٢١١٦ - منْ طريق عمرو بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كنا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سفر، فكنت عَلَى بكر صعب لعمر، فكان يغلبني، فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر، ويرده، ثم يتقدم، فيزجره عمر ويرده، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعمر: "بعنيه"، قَالَ: هو لك يا رسول الله، قَالَ: "بعنيه"، فباعه منْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "هو لك يا عبد الله بن عمر، تصنع به ما شئت".
(٢) وجوابه أنه -صلى الله عليه وسلم- قد بين بالأحاديث السابقة المصرّحة بخيار المجلس، والجمع بين الحديثين ممكن، بأن يكون بعد العقد فارق عمر بأن تقدّمه، أو تأخر عنه مثلاً، ثم وهب، وليس فِي الْحَدِيث ما يثبت ذلك، ولا ما ينفيه، فلا معنى للاحتجاج بهذه الواقعة العينيّة فِي إبطال ما دلّت عليه الأحاديث المصرّحة منْ إثبات خيار المجلس. اهـ "فتح" ٥/ ٦٤.