للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مضطرب، لا يحتج به. وتعقب بأن الجمع بين ما اختلف منْ ألفاظه، ممكن بغير تكلف، ولا تعسف، فلا يضره الاختلاف، وشرط المضطرب أن يتعذر الجمع بين مختلف ألفاظه، وليس هَذَا الْحَدِيث منْ ذلك.

(سادس عشرها): قَالَ بعضهم: لا يتعين حمل الخيار فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَى خيار الفسخ، فلعله أريد به خيار الشراء، أو خيار الزيادة فِي الثمن، أو المثمن.

وأجيب بأن المعهود فِي كلامه -صلى الله عليه وسلم-، حيث يُطلق الخيار إرادة خيار الفسخ، كما فِي حديث المصراة، وكما فِي حديث الذي يُخدَع فِي البيوع، وأيضاً فإذا ثبت أن المراد بالمتبايعين المتعاقدان، فبعد صدور العقد، لا خيار فِي الشراء، ولا فِي الثمن.

(سابع عشرها): تمسّك بعضهم فِي ردّ ذلك بالعمومات، مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الآية [المائدة: ١]، قالوا: وفي الخيار إبطال الوفاء بالعقد، ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "منْ ابتاع طعامًا، فلا يبعه حَتَّى يستوفيه"، قالوا: فقد أباح بيعه بعد قبضه، ولو كَانَ قبل التفرّق.

وأجيب بأن هَذَا مسلك ضعيف؛ لأن العمومات لا تردّ بها النصوص الخاصّة، وإنما يُقضى للخاصّ عَلَى العامّ. ذكره فِي "طرح التثريب" ٦/ ١٥٣ - ١٥٤.

(ثامن عشرها): حكى ابن السمعاني فِي "الاصطلام" عن بعض الحنفية، قَالَ: البيع عقد مشروع بوصف، وحكم، فوصفه اللزوم، وحكمه الملك، وَقَدْ تم البيع بالعقد، فوجب أن يتم بوصفه وحكمه، فأما تأخير ذلك، إلى أن يفترقا فليس عليه دليل؛ لأن السبب إذا تم يفيد حكمه، ولا ينتفى إلا بعارض، ومن ادّعاه فعليه البيان. وأجاب أن البيع سبب للإيقاع فِي الندم، والندم يحوج إلى النظر، فأثبت الشارع خيار المجلس، نظرا للمتعاقدين؛ ليسلما منْ الندم، ودليله خيار الرؤية عندهم، وخيار الشرط عندنا، قَالَ: ولو لزم العقد بوصفه وحكمه، لَمَا شُرعت الإقالة، لكنها شُرعت نظرا للمتعاقدين، إلا أنها شرعت لاستدراك ندم، ينفرد به أحدهما، فلم تجب، وخيار المجلس شرع لاستدراك ندم، يشتركان فيه، فوجب. انتهى ما فِي "الفتح" ٥/ ٥٧ - ٦٠. بتصرّف.

وَقَالَ الحافظ وليّ الدين رحمه الله تعالى بعد إيراد نحو ما تقدّم منْ الأقوال: ما حاصله: وَقَدْ ظهر بما بسطناه أنه ليس لهم متعلّق صحيح فِي ردّ هَذَا الْحَدِيث، ولذلك قَالَ ابن عبد البرّ: أكثر المتأخّرون منْ المالكية، والحنفية منْ الاحتجاج لمذهبنا، فِي رد هَذَا الْحَدِيث، بما يطول ذكره، وأكثره تشغيب، لا يُحصَل منه عَلَى شيء لازم لا مدفع له.

وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": الأحاديث الصحيحة ترُدّ عليهم، وليس لهم عليها