للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لما تقرر منْ حَضّ المتبايعين عَلَى أداء النصيحة، كما تقدم فِي قوله -صلى الله عليه وسلم-، فِي حديث حكيم بن حزام: "فإن صدقا وبينا، بورك لهما فِي بيعهما" الْحَدِيث.

(فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَاعَ، يَقُولُ: لَا خِلَابَةَ) هكذا فِي رواية المصنّف، وفي رواية مسلم: "فكان إذا بايع يقول: لا خيابة"، قَالَ النوويّ فِي "شرحه" ١٠/ ٤١٨: هو بياء مثناة تحتُ، بدل اللام، هكذا هو فِي جميع النسخ، قَالَ القاضي: ورواه بعضهم:

"لا خيانة" بالنون، قَالَ: وهو تصحيف، قَالَ: ووقع فِي بعض الروايات فِي غير مسلم: "خذابة" بالذال المعجمة، والصواب الأول، وكان الرجل ألثغ، فكان يقولها هكذا، ولا يمكنه أن يقول: "لا خلابة"، ومعنى "لا خلابة": لا خديعة: أي لا تحلّ لك خديعتي، ولا يلزمني خديعتك. انتهى.

ونقل فِي "الفتح" ١٤/ ٣٥٣ - ٣٥٤ - فِي "كتاب الحيل" عن المهلب، أنه قَالَ: معنى قوله: "لا خلابة": لا تخلُبوني: أي لا تخدعوني، فان ذلك لا يحل. قَالَ الحافظ: والذي يظهر أنه وارد مورد الشرط: أي إن ظهر فِي العقد خداع، فهو غير صحيح، كأنه قَالَ: بشرط أن لا يكون فيه خديعة، أو قَالَ: لا تلزمني خديعتك. قَالَ المهلب: ولا يدخل فِي الخداع المحرم الثناءُ عَلَى السلعة، والإطناب فِي مدحها، فإنه متجاوز عنه، ولا يَنتقض به البيع. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٢/ ٤٤٨٦ - وفي "الكبرى" ١١/ ٦٠٧٦. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" ٢١١٧ و"الاستقراض" ٢٤٠٧ و"الخصومات" ٢٤١٤ و"الحيل" ٦٩٦٤ (م) فِي "البيوع" ١٥٣٣ (د) فِي "البيوع" ٢٥٠٠ (أحمد) فِي "مسند المكثرين" ٥٠١٦ و٥٢٤٩ و٥٣٨٢ و٥٤٩١ و٥٥٣٦ و٥٨٢٠ و٥٩٣٤ و٦٠٩٩ (الموطأ) فِي "البيوع" ١٣٩٣. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم الخديعة فِي البيع، وهو أنها لا تجوز. (ومنها): أنه استُدِلّ به لأحمد، وأحد قولي مالك، أنه يُرَدّ بالغبن الفاحش، لمن لم يَعرف قيمة السلعة.

وتعقب بأنه -صلى الله عليه وسلم-، إنما جعل له الخيار لضعف عقله، ولو كَانَ الغبن يُملك به الفسخ،