للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ: "فمن ابتاعها بعدُ"، أي منْ اشتراها بعد التحفيل.

وفي رواية محمد بن سيرين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- الآتية بعد حديث: "منْ ابتاع محفّلة، أو مصرّاة، فهو بالخيار ثلاثة أيام"، والصحيح أن ابتداء هذه المدة، منْ وقت بيان التصرية، وهو قول الحنابلة، وعند الشافعية: أنها منْ حين العقد، وقيل: منْ التفرق، ويلزم عليه أن يكون الغرر أوسع منْ الثلاث، فِي بعض الصور، وهو ما إذا تأخر ظهور التصرية، إلى آخر الثلاث، ويلزم عليه أيضاً أن تُحسَب المدة قبل التمكن منْ الفسخِ، وذلك يُفَوِّت مقصود التوسع بالمدة.

(فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ) أي أحسن الرأيين، وفي رواية موسى بن يسار، عن أبي هريرة التالية: "فإن رضيها إذا حلبها، فليمسكها". وظاهره، أن الخيار لا يثبت، إلا بعد الحلب، والجمهور عَلَى أنه إذا علم بالتصرية، ثبت له الخيار، ولو لم يَحلُب، لكن لما كانت التصرية، لا تعرف غالبا إلا بعد الحلب، ذُكِر قيدًا فِي ثبوت الخيار، فلو ظهرت التصرية بغير الحلب، فالخيار ثابت. قاله فِي "الفتح". ثم بين النظرين بقوله (فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا) وفي رواية ابن يسار المذكورة: "فإن رضيها إذا حلبها فليُمسكها": أي ليبقها عَلَى ملكه، وهو يقتضى صحة بيع المصراة، وإثبات الخيار للمشترى، فلو اطلع عَلَى عيب، بعد رضاه بالتصرية، فردها، هل يلزم الصاع؟ فيه خلاف، والأصح عند الشافعية وجوب الرد، ونقلوا نص الشافعيّ عَلَى أنه لا يرد، وعند المالكية قولان.

(وَإِنْ شَاءَ أن يَرُدَّهَا رَدَّهَا) وفي رواية مالك: "وإن سَخِطها ردها"، وظاهره اشتراط الفور، وقياسا عَلَى سائر العيوب، لكن الرواية التي فيها: أن له الخيار ثلاثة أيام، مقدمة عَلَى هَذَا الإطلاق، ونقل أبو حامد، والروياني، فيه نص الشافعيّ، وهو قول الأكثر، وأجاب منْ صحح الأول، بان هذه الرواية، محمولة عَلَى ما إذا لم يَعلَم أنها مصراة، إلا فِي الثلاث؛ لكون الغالب أنها لا تُعلَم فيما دون ذلك، قَالَ ابن دقيق العيد: والثاني أرجح؛ لأن حكم التصرية، قد خالف القياس فِي أصل الحكم؛ لأجل النص، فيطرد ذلك، ويتبع فِي جميع موارده.

قَالَ الحافظ: ويؤيده أن فِي بعض روايات أحمد، والطحاوي، منْ طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "فهو بأحد النظرين، بالخيار إلى أن يحوزها، أو يردها"، وسيأتي. انتهى.

(وَمَعَهَا صَاعُ تَمْرٍ) جملة فِي محلّ نصب عَلَى الحال منْ المفعول .. وفي رواية البخاريّ: "وصاع تمر"، وفي رواية مالك: "وصاعا منْ تمر"، قَالَ فِي "الفتح": والواو عاطفة للصّاع عَلَى الضمير فِي "ردها"، ويجوز أن تكون الواو بمعنى "مع"، ويستفاد منه