للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فورية الصاع مع الرد، ويجوز أن يكون مفعولا معه، ويَعكُر عليه قول جمهور النحاة: إن شرط المفعول معه أن يكون فاعلا.

[فإن قيل]: التعبير بالرد فِي المصراة واضح، فما معنى التعبير بالرد فِي الصالح؟.

[فالجواب]: أنه مثل قول الشاعر:

عَلَفتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا

أي علفتها تبنا، وسقيتها ماء باردا، أو يُجعَل "علفتها" مجازا عن فعل شامل للأمرين: أي ناولتها، فيُحمل الرد فِي الْحَدِيث عَلَى نحو هَذَا التأويل.

واستُدِلّ به عَلَى وجوب رد الصاع مع الشاة، إذا اختار فسخ البيع، فلو كَانَ اللبن باقيا، ولم يتغير، فأراد رده، هل يلزم البائع قبوله، فيه وجهان: أصحهما لا؛ لذهاب طراوته، ولاختلاطه بما تجدد عند المبتاع. والتنصيص عَلَى التمر، يقتضى تعيينه كما سيأتي.

[تنبيه]: أشار الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" إلى أنه اختُلف فِي قوله. "وصاعا منْ تمر"، فرواه بعضهم: "وصاعًا منْ طعام"، فَقَالَ بعد إيراد هَذَا الْحَدِيث منْ طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج: ما نصه: ويُذكر عن أبي صالح، ومجاهد، والوليد بن رَبَاح، وموسى بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "صاع تمر". وَقَالَ بعضهم، عن ابن سيرين: "صاعا منْ طعام، وهو بالخيار ثلاثاً"، وَقَالَ بعضهم عن ابن سيرين: "صاعاً منْ تمر"، ولم يذكر "ثلاثاً"، والتمر أكثر. انتهى.

وَقَدْ بيّن ما أشار إليه الحافظ فِي "الفتح"، فَقَالَ: قوله: "ويذكر عن أبي صالح، ومجاهد، والوليد بن رباح، وموسى بن يسار الخ": يعني أن أبا صالح، ومن بعده وقع فِي رواياتهم، تعيين التمر:

فأما رواية أبي صالح، فوصلها أحمد، ومسلم، منْ طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، بلفظ: "منْ ابتاع شاة مصراة، فهو فيها بالخيار، ثلاثة أيام، فإن شاء أمسكها، وإن شاء ردّها، ورد معها صاعا منْ تمر".

وأما رواية مجاهد، فوصلها البزار، قَالَ مغلطاي: لم أرها إلا عنده، قَالَ الحافظ: قد وصلها أيضاً الطبراني فِي "الأوسط" منْ طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن ابن أبي نجيح، والدارقطنيُّ منْ طريق الليث بن أبي سليم، كلاهما عن مجاهد، وأولُ رواية ليث: "لا تبيعوا المصراة، منْ الإبل، والغنم" الْحَدِيث، وليث ضعيف، وفي محمد بن مسلم أيضاً لين.

وأما رواية الوليد بن رباح، وهو -بفتح الراء، وبالموحدة-، فوصلها أحمد بن