فلو لم يقصده، بل خرج لشغل، فاشترى منهم، ففي تحريمه خلاف عند الشافعيّة، والمالكيّة، والأصح عند الشافعيّة تحريمه؛ لرجود المعنى، وهو الحقّ.
وَقَالَ وليّ الدين رحمه الله تعالى: وشرط بعض أصحابنا للتحريم شرطًا آخر، وهو أن يبتدىء المتلقي القافلة بطلب الشراء منهم، فلو ابتدؤوه، فالتمسوا منه الشراء منهم، وهم عالمون بسعر البلد، أو غير عالمين، فجعلوه عَلَى الخلاف فيما لو بأن أن الشراء بسعر البلد، أو أكثر، والأصحّ أنه لا خيار فِي هذه الصورة. انتهى.
وَقَالَ فِي "الفتح": وظاهر الْحَدِيث منع التلقّي مطلقًا، سواء كَانَ قريبًا، أم بعيدًا، وسواء كَانَ لأجل الشراء منهم، أم لا. انتهى. وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم تلقّي الركبان:
ذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، والجمهور إلى تحريمه. وذهب أبو حنيفة، والأوزاعيّ إلى جوازه، إذا لم يضرّ بالناس، فإن أضرّ كُره، كذا حكاه النوويّ، وَقَالَ: والصحيح الأول؛ للنهي الصريح.
قَالَ وليّ الدين: والذي فِي كتب الحنفيّة الكراهة فِي حالتين: [إحداهما]: أن يضرّ بأهل البلد. [والثانية]: أن يلبّس السعر عَلَى الواردين، فإن أراد النوويّ ضرر أهل البلد، فيرد عليه الحالة الثانية، وان أراد مطلق النَّاس، تناول الصورتين، ثم إن الكراهة عند بعضهم للتحريم، فإن أرادوا ذلك هنا كَانَ مذهبهم موافقا لمذهب الجمهور، لكن قَالَ ابن حزم: إن أبا حنيفة كرهه، إن أضرّ بأهل البلد، دون أن يحظره، قَالَ: وما نعلم أحدًا قاله قبله، وحكى ابن حزم عن مالك أنه لا يجوز فعله للتجارة، ولا بأس به لابتياع