للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القوت منْ الطعام، والأضحية، قَالَ: ولا نعلمه عن أحد قبل مالك. انتهى. "طرح" ٦/ ٦٤ - ٦٥.

وَقَالَ فِي "المغني": وكره التلقّي أكثر أهل العلم، منهم: عمر بن عبد العزيز، ومالك، والليث، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وحكي عن أبي حنيفة، أنه لم ير بذلك بأسا، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحق أن تتبع. انتهى. ٦/ ٣١٢.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما ذُكر أن الجمهور عَلَى تحريم تلقّي الركبان، وهو الحقّ؛ للأحاديث الصحيحة المذكورة فِي هَذَا الباب وغيره. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي بطلان البيع بالتلقّي:

قَالَ الحافظ وليّ الدين رحمه الله تعالى: واختلفوا، فِي أن البيع هل يبطل، أم لا؟، فَقَالَ الشافعيّ، وأحمد: لا يبطل، فإن النهي لا يرجع إلى نفس العقد، ولا يُخلّ هَذَا الفعل بشيء منْ أركانه، وشرائطه، وإنما هو لأجل الإضرار بالركبان، وذلك لا يقدح فِي نفس البيع.

وَقَالَ آخرون: يبطل؛ لأن النهي يقتضي الفساد، وحكاه الشيخ تقيّ الدين فِي "شرح العمدة" عن غير الشافعيّ منْ العلماء، وهذه الصيغة، لا عموم فيها، وليس المراد أن جميع العلماء غير الشافعيّ قائلون بالبطلان، وإن كانت العبارة توهم ذلك، وهذا قول فِي مذهب مالك، حكاه سحنون عن غير ابن القاسم، وَقَالَ ابن خويز منداد: البيع صحيح عَلَى قول الجميع، وإنما الخلاف فِي أن المشتري لا يفوز بالسلعة، ويشركه فيها أهل الأسواق، ولا خيار للبائع، أو أن البائع بالخيار. وَقَالَ ابن عبد البرّ: ما حكاه ابن خويز منداد عن الجميع فِي جواز البيع هو الصحيح، لا ما حكاه سحنون عن غير ابن القاسم أنه يُفسخ البيع، قَالَ: وكان ابن حبيب يذهب إلى فسخ البيع فِي ذلك، فإن لم يوجد، عُرضت السلعة عَلَى أهل السوق، واشتركوا فيها، إن أحبوا، وإن أبوها رُدّت عَلَى مبتاعها. انتهى "طرح" ٦/ ٦٥.

وَقَالَ الإِمام ابن قُدامة رحمه الله تعالى: فإن خالف، وتلقى الركبان، واشترى منهم، فالبيع صحيح، فِي قول الجميع، وقاله ابن عبد البرّ: وحُكي عن أحمد، رواية أخرى، أن البيع فاسد؛ لظاهر النهي، والأول أصح؛ لأن أبا هريرة -رضي الله عنه-، روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه، واشترى منه، فإذا أتى السوق، فهو بالخيار"، رواه مسلم، والخيار لا يكون إلا فِي عقد صحيح؛ ولأن النهي لا لمعنى فِي البيع، بل يعود إلى ضرب منْ الخديعة، يمكن استدراكها بإثبات الخيار، فأشبه بيع المصراة،