(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تفسير الملامسة. (ومنها): ما قيل: أنه يُستدلّ بقوله: "لمس الثوب، لا ينظر إليه" عَلَى بطلان بيع الغائب، وهو قول الشافعيّ فِي الجديد، وعن أبي حنيفة يصح مطلقا، ويثبت الخيار إذا رآه، وحُكي عن مالك، والشافعي أيضًا، وعن مالك يصح إن وصفه، وإلا فلا، وهو قول الشافعيّ فِي القديم، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأهل الظاهر، واختاره البغوي، والروياني منْ الشافعيّة، وإن اختلفوا فِي تفاصيله، ويؤيده قوله، فِي رواية أبي عوانة، التي قدمتها، لا ينظرون إليها، ولا يخبرون عنها، وفي الاستدلال لذلك وفاقا، وخلافا طول. قاله فِي "الفتح".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الاستدلال بهذا الْحَدِيث عَلَى بطلان بيع الغائب فيه نظر لا يخفى، فإن الغائب يعلم بالوصف، فإن لم يتّفق مع الوصف يكون له الخيار، بخلاف الملامسة، فإنه لا يُخبره بما فيه، ولا يأذن له أن ينظر بنفسه، قَالَ الإِمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى فِي "شرح العمدة"، لما ذكر الاستدلال به عَلَى بطلان بيع الغائب: ومن يشترط الوصف فِي بيع الأعيان الغائبة لا يكون الْحَدِيث دليلًا عليه؛ لأنه لم يذكر وصفًا.
وذكر أبو محمّد ابن حزم رحمه الله تعالى أن الشافعيّة استدلّوا عَلَى منع الغائب بنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر، وعن الملامسة، والمنابذة، قَالَ: ولا حجة لهم فيه؛ لأن بيع الغائب إذا وُصف عن رؤية، وخبرة، ومعرفة، قد صحّ ملكه لمّا اشترى، فأين الغرر؟ قَالَ: ومما يبطله أنه لم يزل المسلمون يتبايعون الضياع بالصفة، وهي فِي البلاد البعيدة، وَقَدْ