حدثنا ابن أبي رزمة (١)، سمعت أبي، يقول: قَالَ رجل لشعبة: خالفك سفيان، قَالَ: دَمَغْتَني. وبلغني عن يحيى بن معين، قَالَ: كلُّ منْ خالف سفيان، فالقول قول سفيان.
حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا وكيع، عن شعبة قَالَ: كَانَ سفيان أحفظ مني.
وقوله:"القول قول سفيان": أي القول الأصح، والأوثق هو قول سفيان. وَقَالَ البيهقي فِي "السنن الكبرى" بعدما ذكر حديث سفيان: وكذا رواه قيس بن الربيع، عن سماك، وخالفهما شعبة، ثم أخرجه منْ طريقه، عن سماك، سمعت أبا صفوان، مالك ابن عَمِيرة الْحَدِيث، ثم ذكر البيهقي، عن أبي داود، أنه قَالَ: القول قول سفيان، لكن أخرجه الحاكم فِي "المستدرك" منْ طريق شعبة، عن سماك، سمعت أبا صفوان، يقول: سمعت منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الْحَدِيث، ثم قَالَ الحاكم: أبو صفوان كنيته سُوَيد بن قيس، هما واحد صحابي منْ الأنصار، والحديث صحيح عَلَى شرط مسلم. انتهى.
قَالَ المنذري: وأخرجه النسائيّ، وابن ماجه، ووقع فِي حديث النسائيّ، وابن ماجه: سمعت مالكا أبا صفوان، وَقَالَ النسائيّ: حديث سفيان أشبه بالصواب -يعني الْحَدِيث الأول، الذي فيه سُويد بن قيس، وَقَالَ أبو داود: والقول قول سفيان.
وَقَالَ الحاكم أبو أحمد الكرابيسي: أبو صفوان مالك بن عَمِيرة، ويقال: سُويد بن قيس، باع منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأرجح له. وَقَالَ أبو عمر النمري: أبو صفوان، مالك بن عميرة، ويقال: سويد بن قيس، وذكر له هَذَا الْحَدِيث، وهذا يدل عَلَى أنه عندهما رجل واحد، كنيته أبو صفوان، واختلف فِي اسمه. والله عَزَّ وَجَلَّ أعلم. انتهى "عون المعبود" ٩/ ١٨٥ - ١٨٨.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الحاصل مما تقدّم أن المصنّف، وأبا داود رحمهما الله تعالى رجّحا رواية سفيان الثوريّ عَلَى أن الصحابيّ سُويد بن قيس، وليس أبا صفوان مالك بن عَميرة، كما رواه شعبة؛ وسبب ترجيحهما كون سفيان أحفظ منْ شعبة، كما اعترف به هو نفسه، وغيره، وأيضًا تابعه فِي ذلك قيس بن الربيع، فكانت روايته أرجح، لكن الظاهر أنه لا خلاف بين الروايتين، كما أشار إليه أبو أحمد الحاكم، وابن عبد البرّ، بأن كنيته أبو صفوان، واختُلف فِي اسمه، فهو رجل واحد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.