وهذا شأن أسماء الرب تعالى، وأسماء كتابه، وأسماء نبيه، هي أعلام دالة على معان هي بها أوصاف فلا تُضادُّ فيها العلميةُ الوصفَ بخلاف غيرها من أسماء المخلوقين، فهو الله الخالق البارئ المصور القهار، فهذه أسماء له دالة على معان هي صفاته، وكذلك القرآن، والفرقان، والكتاب البين، وغير ذلك من أسمائه.
وكذلك أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - محمَّد، وأحمد، والماحي، وفي حديث جبير ابن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إن لي أسماء أنا محمَّد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر". فذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الأسماء مبينا ما خصه الله به من الفضل، وأشار إلى معانيها، وإلا فلو كانت أعلاما محضة لا معنى لها لم تدل على مدح، ولهذا قال حسان رضي الله عنه:(من الطويل)
وكذلك أسماء الرب تعالى كلها أسماء مدح، فلو كانت ألفاظا مجردة لا معاني لها لم تدل على المدح، وقد وصفها الله سبحانه بأنها حسنى كلها فقال: " {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}[الأعراف: ١٨٠] الآية، فهي لم تكن حسنى لمجرد اللفظ بل لدلالتها على أوصاف الكمال، ولهذا لما سمع بعض الأعراب قارئا يقرأ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[المائدة: ٣٨] قال: ليس هذا كلام الله تعالى، فقال القارئ: أتكذب بكلام الله تعالى؟ فقال: لا، ولكن ليس هذا بكلام الله، فعاد إلى حفظه، وقرأ {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فقال الأعرابي: صَدقْتَ، عَزَّ، فَحكَمَ، فَقَطعَ، ولو غفر ورحم، لما قطع.
ولهذا إذا ختمت آية الرحمة باسم العذاب أو بالعكس ظهر تنافر الكلام وعدم انتظامه.