وفي السنن من حديث أبي بن كعب حديث قراء القرآن على سبعة أحرف، ثم قال:"ليس منها إلا شاف كاف إن قلت: سميعا عليما عزيزا حكيما، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب".
ولو كانت هذه الأسماء أعلاما محضة لا معنى لها لم يكن فرق بين ختم الآية بهذا أو بهذا. وساق على ذلك أدلة كثيرة إلى أن. قال: إذا ثبت هذا فتسميته - صلى الله عليه وسلم - بهذا الاسم لما اشتمل عليه من مسماه، وهو الحمد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - محمود عند الله، ومحمود عند الملائكة، ومحمود عند إخوانه من المرسلين ومحمود عند كل عاقل، وإن كابر عقله جحودا وعنادا وجهلا باتصافه بها، ولو علم اتصافه بها لحمده، فإنه يحمد من اتصف بصفات الكمال، وإن جهل وجودها فيه، فهو في الحقيقة حامد له وهو - صلى الله عليه وسلم - اختص من مسمى الحمد بما لم يجتمع لغيره، فإن اسمه محمَّد، وأحمد، وأمته الحمادون يحمدون الله في السراء والضراء، وصلاته وصلاة أمته مفتتحة بالحمد، وخطبته مفتتحة بالحمد، وكتابه مفتتح بالحمد، وهكذا كان عند الله في اللوح المحفوظ أن خلفاءه وأصحابه يكتبون المصحف مفتتحا بالحمد، وبيده - صلى الله عليه وسلم - لواء الحمد يوم القيامة، ولما يسجد بين يدي ربه عز وجل للشفاعة، ويؤذن له فيها يحمد ربه بمحامد يفتحها عليه حينئذ، وهو صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، قال تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[الإسراء: ٧١].
ثم أطال في هذا البحث بكلام لا تجده في غير كتابه. إلى أن قال: فلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشتملا على ما يقتضي أن يحمد مرة بعد مرة سمي محمدا، وهو اسم موافق لمسماه، ولفظ مطابق لمعناه.