أحدهما: أن محمدا هو المحمود حمدا بعد حمد، فهو دال على كثرة حمد الحامدين له، وذلك يستلزم كثرة موجبات الحمد فيه، وأحمد أفعل تفضيل من الحمد يدل على أن الحمد الذي يستحقه أفضل مما يستحقه غيره، فمحمد زيادة حمد في الكمية، وأحمد زيادة في الكيفية فيحمد أكثر حمد، وأفضل حمد حمده البشر.
الوجه الثاني: أن محمدا هو المحمود حمدا متكررا كما تقدم، وأحمد هو الذي حمده لربه أفضل من حمد الحامدين غيره فدل أحد الاسمين وهو محمَّد على كونه محمودا، ودل الاسم الثاني وهوأحمد على كونه أحمد الحامدين لربه، وهذا هو القياس (١) ثم ذكر الخلاف بين النحاة هل يبنى أفعل التفضيل والتعجب من المتعدى، أم لا؟ ثم رجح بأن محمدا وأحمد كلاهما واقعان على المفعول لأن ذلك أبلغ.
ثم قال رحمه الله:"فصل":
وقد ظن طائفة مهم أبو القاسم السهيلي، وغيره أن تسميته - صلى الله عليه وسلم - بأحمد كانت قبل تسميته بمحمد، قالوا: ولهذا بشر به المسيح باسم أحمد، وفي حديث طويل في حديث موسى "لما قال لربه يا رب إني أجد أمة من شأنها كذا وكذا، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد يا موسى فقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد".
قالوا: وإنما جاء تسميته بمحمد في القرآن خاصة، لقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}[محمد: ٢] وقوله {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[الفتح: ٢٩]، ثم ناقش الأدلة التي أوردها أتم
(١) أي في صيغة أفعل التفضيل، من أنه واقع على الفاعل لا على المفعول، خلافًا لبعض النحاة وهو الذي رجحه العلامة ابن القيم هنا.