قَالَ: وَقَدْ يُجمع بين الخبرين أيضًا بأن يُجعل اليمين عَلَى المدّعى عليه، إذا كانت يمين نفي، وهذه يمين فيها إثبات. قَالَ: وأبو حنيفة لا يرى اليمين فِي الإثبات، وَقَدْ قَالَ به هنا مع قيام السلعة.
وَقَدْ خالف أبو ثور جماعة الفقهاء فِي هذه المسألة، فَقَالَ: القول قول المشتري مع قيام السلعة. ويقال: إن هَذَا خلاف الإجماع، مع مخالفته الْحَدِيث. والله أعلم. وَقَدْ اعتذر له بعضهم بأن فِي إسناد الْحَدِيث مقالاً، فمن أجل ذلك عدل عنه. قَالَ الخطابيّ: هَذَا حديث قد اصطلح الفقهاء عَلَى قبوله، وذلك يدلّ عَلَى أن له أصلاً، كما اصطلحوا عَلَى قبول قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا وصيّة لوارث"، وفي إسناده مقال.
قَالَ: وسواء عند الشافعيّ كَانَ اختلافهما فِي الثمن، أو فِي الأجل، أو فِي خيار الشرط، أو فِي الرهن، أو فِي الضمين، فإنهما يتحالفان، قولاً بعموم الخبر، وظاهره، إذ ليس فيه ذكر حال منْ الاختلاف، دون حال.
وعند أصحاب الرأي لا يتحالفان إلا عند الاختلاف فِي الثمن. انتهى كلام الخطابيّ "معالم السنن" ٥/ ١٦٢ - ١٦٥.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تقدّم أن زيادة التحالف فِي الْحَدِيث لا تثبت، وإنما الثابت أن القول قول البائع، أو يترادّان البيع، كما أن زيادة "والسلعة قائمة" غير ثابتة، فالحقّ أن القول قول البائع، إن رضي المشتري، وإلا يفسخ العقد؛ وأيضًا أن العمل بالتحالف معارض للحديث المتّفق عليه أن اليمين عَلَى المدعى عليه، لا عَلَى المدّعي، فتأمّل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.