(حَرَّمَ بَيْعَهَا، فَفَتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ) هكذا فِي رواية المصنّف بالتثنية، مع أنه تقدّم فِي أول الْحَدِيث بلفظ "راوية خمر" بالإفراد، ولفظ مسلم:"ففتح المزاد"، وفي بعض النسخ:"ففتح المزادة"، وهو الذي تقدّم فِي روايات أحمد فِي "المسند"، وهو الظاهر، لكن يمكن أن يوجّه ما هنا بأنه أراد بالمزادتين الْعَزْلاوين، فإن لكلّ مزادة عَزلاوين، ويؤيّده ما تقدم فِي رواية لأحمد، بلفظ:"فأمر بعزالي المزادة، ففُتحت"، وغايته أنه أطلق المزادتين عَلَى العزلاوين، مجازًا مرسلاً، منْ إطلاق الكلّ، وإرادة الجزء، كما فِي قوله تعالى:{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} الآية [البقرة: ١٩].
والمزادة: هي الراوية التي ذكرها فِي أول الْحَدِيث، قَالَ أبو عبيد: هما بمعنى، وَقَالَ ابن السّكّيت: إنما يقال لها: مزادة، وأما الراوية، قاسم للبعير خاصّة. قَالَ النوويّ: والمختار قول أبي عُبيد، وهذا الْحَدِيث يدلّ لأبي عُبيد، فإنه سمّاها راوية، ومزادة، قالوا: سُمّيت راويةً؛ لأنها تُروي صاحبها، ومن معه، ومزادةً؛ لأنه يتزوّد فيها الماء فِي السفر وغيره، وقيل: لأنه يزاد فيها جلد ليتّسع. انتهى "شرح مسلم" ١١/ ٧.
و"العزلاوان": تثنية عَزْلاء، وزان حمراء، وَقَالَ ابن منظور: هو: مَصَبّ الماء منْ الراوية، والقِربة فِي أسفلها، حيث يُستفرَغ ما فيها منْ الماء؛ سُمّيت عزلاء؛ لأنها فِي أحد خُصْمي المزادة، لا فِي وسطها, ولا كفمها الذي منه يُستقى فيها، والجمع العزالِي بكسر اللام، وإن شئت فتحتها، مثل الصحارِي، والصحارَى، والعَذَارِي، والعَذَارَى. انتهى "لسان العرب" ١١/ ٤٤٢.
(حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا) غاية للفتح، أي ففتح، وصبّ حَتَّى فرغ ما فِي المزادتين منْ الخمر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٩٠/ ٤٦٦٦ - وفي "الكبرى" ٩١/ ٦٢٦٠. وأخرجه (م) فِي "البيوع" ١٥٧٩ (أحمد) فِي "مسند بني هاشم" ٢٠٤٢ و٢١٩١ و٢٩٧١ و٣٣٦٣ (الموطأ) فِي "الأشربة" ١٥٩٨ (الدارمي) فِي "الأشربة" ٢٠١١. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع الخمر، وهو