أخذ الهدية عليه، كالحجامة. وَقَالَ أحمد فِي رواية ابن القاسم: لا يأخذ، فقيل له: ألا يكون مثل الحجام، يُعطَى، وإن كَانَ منهيا عنه؟ فَقَالَ: لم يبلغنا أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أعطى فِي مثل هَذَا شيئا، كما بلغنا فِي الحجام. ووجهه أن ما منع أخذ الأجرة عليه منع قبول الهدية، كمهر البغي، وحلوان الكاهن، قَالَ القاضي: هَذَا مقتضى النظر، لكن تُرك مقتضاه فِي الحجام، فيبقى فيما عداه عَلَى مقتضى القياس، والذي ذكرناه أرفق بالناس، وأوفق للقياس، وكلام أحمد يحمل عَلَى الورع، لا عَلَى التحريم. انتهى "المغني" ٦/ ٣٠٢ - ٣٠٤.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الجمهور منْ تحريم بيع ضراب الفحل، هو الصواب؛ لظهور أدلّته، وأما لو أُكرم صاحب الفحل بهديّة منْ غير مشارطة، فلا مانع؛ لما أخرجه الترمذيّ، والمصنّف، واللفظ للترمذيّ بإسناد صحيح منْ حديث أنس -رضي الله عنه-: "أن رجلا منْ كلاب، سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، عن عَسْب الفحل؟ فنهاه، فَقَالَ: يا رسول الله، إنا نُطرِق الفحل فنُكرَم، فرخص له فِي الكرامة". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١ - (إسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه الحنظليّ المروزي، ثقة ثبت حجة [١٠] ٢/ ٢.
٢ - (حميد بن مسعدة) بن المبارك الساميّ الباهلي البصريّ، صدوق [١٠] ٥/ ٥.
٣ - (إسماعيل بن إبراهيم) ابن عليّة، أبو بشر البصريّ، ثقة ثبت حافظ [٨] ١٨/ ١٩.
٤ - (عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم، أبو عبيدة التّنّوريّ البصريّ، ثقة ثبت [٨] ٦/ ٦.
٥ - (عليّ بن الحكم) البُنانيّ، أبو الحكم البصريّ، ثقة، ضعّفه الأزديّ بلا حجة [٥] ٣٣/ ٤٣٥٠.
[تنبيه]: قَالَ فِي "الفتح" -٥/ ٢٢٥ - : علي بن الحكم هو الْبُنانيّ بضمّ الموحّدة، بعدها نون خفيفة، بصريّ ثقة عند الجميع، وليّنه أبو الفتح الأزديّ بلا مُستَنَد، وليس له فِي البخاريّ سوى هَذَا الْحَدِيث، وَقَدْ أخرج الحاكم فِي "المستدرك" هَذَا الْحَدِيث، عن مسدّد، شيخ البخاريّ فيه، وَقَالَ: عليّ بن الحكم ثقة، منْ أعزّ البصريين حديثًا. انتهى. وَقَدْ وَهِمَ فِي استدراكه، وهو فِي البخاريّ كما ترى -يعني فِي "الإجارة"- وكأنه