المتأخّرون، ويا ليت الحنفيّة كلهم كانوا مثله رحمه الله تعالى فِي نصرة الأحاديث، وترك التعصّب لمذهبهم، فالله تعالى المستعان عَلَى منْ خالف منهج السلف فِي نصر السنّة، وترك الآراء. نسأل الله تعالى أن يسلك بنا مسلكهم، إنه قريبٌ مجيب.
وَقَالَ فِي "الفتح": قوله: "فهو أحقّ به منْ غيره": أي كائنا منْ كَانَ، وارثا، وغريما، وبهذا قَالَ جمهور العلماء، وخالف الحنفية، فتأولوه لكونه خبر واحد، خالف الأصول؛ لأن السلعة صارت بالبيع ملكا للمشتري، ومن ضمانه، واستحقاقُ البائع أخذَهَا منه نقض لملكه، وحملوا الْحَدِيث عَلَى صورة، وهي ما إذا كَانَ المتاع وديعة، أو عارية، أو لقطة.
وتعقب بأنه لو كَانَ كذلك، لم يقيد بالفلس، ولا جعل أحق بها؛ لما يقتضيه صيغة أفعل منْ الاشتراك، وأيضا فما ذكروه ينتقض بالشفعة، وأيضا فقد ورد التنصيص فِي حديث الباب، عَلَى أنه فِي صورة المبيع، وذلك فيما رواه سفيان الثوري، فِي "جامعه"، وأخرجه منْ طريقه ابن خزيمة، وابن حبّان، وغيرهما، عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد، بلفظ:"إذا ابتاع الرجل سلعة، ثم أفلس، وهي عنده بعينها، فهو أحق بها منْ الغرماء"، ولابن حبّان منْ طريق هشام بن يحيى المخزومي، عن أبي هريرة، بلفظ:"إذا أفلس الرجل، فوجد البائع سلعته"، والباقي مثله، ولمسلم فِي رواية ابن أبي حسين المشار إليها قبلُ:"إذا وجد عنده المتاع، ولم يفرّقه أنه لصاحبه، الذي باعه"، وفي مرسل ابن أبي مليكة، عند عبد الرزاق:"منْ باع سلعة منْ رجل لم ينقده، ثم أفلس الرجل، فوجدها بعينها، فليأخذها منْ بين الغرماء"، وفي مرسل مالك المشار إليه:"أيما رجل باع متاعا"، وكذا هو عند منْ قدمنا أنه وصله، فظهر أن الْحَدِيث وارد فِي صورة البيع، ويلتحق به القرض، وسائر ما ذكر منْ باب الأولى. انتهى "فتح" ٥/ ٣٤٤ - ٣٤٥. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: