رَوَى ابن أبي شيبة، عن علي -رضي الله عنه- أنه أسوة الغرماء. وأجيب بأنه اختُلِف عَلَى علي فِي ذلك، بخلاف عثمان -رضي الله عنه-.
وَقَالَ القرطبيّ فِي "المفهم": تعسف بعض الحنفية فِي تأويل هَذَا الْحَدِيث بتأويلات لا تقوم عَلَى أساس. وَقَالَ النوويّ: تأولوه بتأويلات ضعيفة مردودة. انتهى.
واختلف القائلون فِي صورة، وهي: ما إذا مات، ووجدت السلعة، فَقَالَ الشافعيّ: الحكم كذلك، وصاحب السلعة أحق بها منْ غيره، وَقَالَ مالك، وأحمد: هو أسوة الغرماء، واحتجا بما فِي مرسل مالك:"وإن مات الذي ابتاعه، فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء"، وفرقوا بين الفلس والموت، بأن الميت خربت ذمته، فليس للغرماء محل يرجعون إليه، فاستووا فِي ذلك، بخلاف المفلس. واحتج الشافعيّ بما رواه منْ طريق عُمَر بن خَلْدَة، قاضي المدينة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قَالَ:"قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أَيُّما رجل مات، أو أفلس، فصاحب المتاع أحق بمتاعه، إذا وجده بعينه"، وهو حديث حسن، يحتج بمثله، أخرجه أيضا أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وصححه الحاكم، وزاد بعضهم فِي آخره:"إلا أن يترك صاحبه وفاء"، ورجحه الشافعيّ عَلَى المرسل، وَقَالَ: يحتمل أن يكون آخره منْ رأي أبي بكر بن عبد الرحمن؛ لأن الذين وصلوه عنه، لم يذكروا قضية الموت، وكذلك الذين رووا عن أبي هريرة وغيره، لم يذكروا ذلك، بل صرح ابن خلدة، عن أبي هريرة بالتسوية بين الإفلاس والموت، فتعين المصير إليه؛ لأنها زيادة منْ ثقة.
وجزم ابن العربي المالكي بأن الزيادة التي فِي مرسل مالك، منْ قول الراوي، وجمع الشافعيّ أيضا بين الحديثين، بحمل حديث ابن خلدة عَلَى ما إذا مات مفلسا، وحديث أبي بكر بن عبد الرحمن، عَلَى ما إذا مات مليئا. والله أعلم. انتهى "فتح" ٥/ ٣٤٥ - ٣٤٦.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: فِي كلام الحافظ هَذَا نظر لا يخفى، فإن تحسينه حديث الشافعيّ، وترجيحه عَلَى حديث مالك ليس كما ينبغي؛ فإنه ضعيف, لأن فِي إسناده أبا المعتمر، وهو مجهول الحال، كما نصّ هو عليه فِي "التقريب"، وأما حديث مالك، وإن رواه هو فِي "الموطإ" مرسلاً، لكنه روي متّصلاً فِي غيره، ولقد أجاد ابن القيّم رحمه الله تعالى فِي "تهذيب السنن" فِي هَذَا البحث، ودونك نصّه:
وَقَدْ أعله الشافعيّ بأنه كالمدرج فِي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- يعني قوله: "فإن كَانَ قضى منْ ثمنها شيئًا- إلى آخره. قَالَ الشافعيّ فِي جواب منْ سأله لم لم تأخذ بحديث أبي بكر بن عبد الرحمن هَذَا -يعني المرسل- فَقَالَ: الذي أخذت به أولى منْ قبل أن ما