للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله ابن القيّم منْ تصحيح الْحَدِيث الذي فيه الفرق بين الإفلاس والموت، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أيما رجل باع متاعًا، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه منْ ثمنه شيئًا، فوجد متاعه بعينه، فهو أحقّ به، وإن مات المشتري، فصاحب المتاع أسوة الغرماء"، هو الحقّ، فيُستفاد منه أن ما ذهب إليه مالك رحمه الله تعالى منْ التفرقة بين الإفلاس والموت هو الصواب، فتبصّر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: ذكر الموفّق رحمه الله تعالى أن استحقاق الرجوع فِي السلعة بخمس شرائط: [أحدها]: أن تكون السلعة باقية بعينها، فلو تغيرت بأن تلف بعضها, لم يكن له الرجوع. [الثاني]: أن لا يكون المبيع زاد زيادة متّصلةً، كالسمن، والكبر، وتعلم الصناعة، وإلا ففي الرجوع خلافٌ. [الثالث]: أن لا يكون البائع قبض منْ ثمنها شيئًا، وإلا فلا رجوع؛ لقوله فِي الْحَدِيث: "ولم يكن قبض منْ ثمنها شيئًا". [الرابع]: أن لا يتعلّق بها حقّ الغير، فإن رهنها المشتري، ثم أفلس، أو وهبها, لم يكن له الرجوع. [الرابع]: أن يكون المفلس حيًّا، فإن مات فالبائع أسوة الغرماء. وَقَدْ ذكر الموفّق رحمه الله تعالى تفاصيل هذه الشروط، فمن أراد الاطلاع عليها، فليرجع إلى كتاب "المغني" ٦/ ٥٤٣ - ٥٩١. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): فِي اختلاف أهل العلم فيما إذا تغيّرت السلعة:

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: ما حاصله: أحدها إنما يستحقّ الرجوع فِي السلعة إذا كانت باقية بعينها, لم يَتلَف بعضها، فإن تلف جزء منها، كبعض أطراف العبد، أو ذهبت عينه، أو تلف بعض الثوب، أو انهدم بعض الدار، أو اشترى شجرا مثمرا، لم تظهر ثمرته، فتلفت الثمرة، أو نحو هَذَا لم يكن للبائع الرجوع، وكان أسوة الغرماء، وبهذا قَالَ إسحاق، وَقَالَ مالك، والأوزاعي، والشافعي، والعنبري: له الرجوع فِي الباقي، ويضرب مع الغرماء بحصة التالف؛ لأنها عين يملك الرجوع فِي جميعها، فملك الرجوع فِي بعضها، كالذي له الخيار، وكالأب فيما وهب لولده.

قَالَ: ولنا قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ أدرك متاعه بعينه عند إنسان، قد أفلس، فهو أحق به"، فشرط أن يجده بعينه، ولم يجده بعينه، ولأنه إذا أدركه بعينه، حصل له بالرجوع فصل الخصومة، وانقطاع ما بينهما منْ المعاملة، بخلاف ما إذا وجد بعضه، ولا فرق بين أن يرضى بالموجود بجميع الثمن، أو يأخذه بقسطه منْ الثمن؛ لأنه فات شرط الرجوع. انتهى "المغني" باختصار ٦/ ٥٤٣.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما مالَ إليه الحنبليّة، منْ عدم استحقاق