قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الْحَدِيث لا يُطابق هَذَا الباب، فكان الأولى للمصنّف رحمه الله تعالى أن يترجم له ترجمة مستقلّة، كما صنع فِي "الكبرى"، حيث ترجم بقوله: "باب الرجل يبيع السلعة منْ رجل، ثم يبيعها بعينها". والله تعالى أعلم.
ورجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.
و"غُندر": هو محمد بن جعفر. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ سَمُرَةَ) بن جندب -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةِ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ) أي لرجلين (فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا) أي للناكح الأول منْ الناكحين، أو للوليّ الأول، منْ الوليّين، يَنفُذ فيها تصرّفه، دون تصرّف الثاني. وَقَالَ فِي "تحفة الأحوذيّ" ٤/ ١٨٧ - :"فهي للأول منهما": أي للسابق منهما ببيّنة، أو تصادق، فإن وقعا معًا، أو جُهل السابق منهما بطلا معًا. انتهى.
وَقَالَ الشوكانيّ رحمه الله تعالى: فيه دليلٌ عَلَى أن المرأة إذا عقد لها وليّان لزوجين، كانت لمن عقد له أولُ الوليين، منْ الزوجين، وبه قَالَ الجمهور، وسواء كَانَ قد دخل بها الثاني، أم لا، وخالف فِي ذلك مالك، وطاوسٌ، والزهريّ، وروي عن عمر، فقالوا: إنها للثاني إذا كَانَ قد دخل بها؛ لأن الدخول أقوى. انتهى. "نيل الأوطار" ٥/ ١٦٦.
(وَمَنْ بَاعَ بَيْعًا) أي مبيعًا، فهو منْ إطلاق المصدر، وإرادة اسم المفعول، ويحتمل أن يكون باقيًا عَلَى مصدريّته، ويكون مفعولا مطلقا لـ"باع" أي منْ عقد عقدًا (مِنْ رَجُلَيْنِ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا) فيه دليل عَلَى أن منْ باع شيئًا منْ رجل، ثم باعه منْ آخر لم يكن للبيع الثاني حكم، بل هو باطلٌ؛ لأنه باع غير ما يملك، إذ قد صار فِي ملك المشتري الأول، ولا فرق بين أن يكون البيع الثاني فِي مدّة الخيار، أو بعد انقراضها؛ لأن المبيع قد خرج عن ملكه بمجرّد البيع. قاله فِي "نيل الأوطار" ٥/ ١٦٦.
[تنبيه]: زاد فِي "الكبرى" سندًا آخر للحديث، ونصّه: أخبرني قَطَنُ بن إبراهيم، قَالَ: حدثنا حفصٌ، قَالَ: ثنا إبراهيم بن سعد، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عُقبة بن عامر، وسمرة بن جندب، قالا: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مثله، سواء. انتهى.