ولا يكون غناه سببا لتأخير حقه عنه، وإذا كَانَ كذلك فِي حق الغني، فهو فِي حق الفقير أولي، قَالَ الحافظ: ولا يخفى بعد هَذَا التأويل.
[تنبيه]: رواية المصنّف هنا هكذا بلفظ: "إذا أتبع أحدكم عَلَى مليء فليتبع، والظلم مطل الغنيّ"، بتقديم جملة الاتباع، وفي الرواية الآتية فِي الباب التالي، منْ طريق مالك، عن أبي الزناد، بلفظ:"مطلُ الغنيّ ظلم، وإذا أُتبع أحدكم عَلَى مليء فليتبع" بتقديم جملة المطل، وعطف الجملة الثانية بالواو، وهكذا هو عند البخاريّ، إلا أن العطف عنده بالفاء.
قَالَ الحافظ: ادّعى الرافعي أن الأشهر فِي الروايات: "وإذا أتبع" -يعني بالواو- وأنهما جملتان، لا تعلق لإحداهما بالأخرى، وزعم بعض المتأخرين أنه لم يرد إلا بالواو، وغفل عما فِي "صحيح البخاريّ"، فإنه بالفاء فِي جميع الروايات، وهو كالتوطئة، والعلة لقبول الحوالة: أي إذا كَانَ المطل ظلما، فليقبل منْ يُحتال بدَينه عليه، فإن المؤمن منْ شأنه أن يحترز عن الظلم، فلا يمطل، نعم رواه مسلم بالواو، وكذا البخاريّ فِي الباب الذي بعده، لكن قَالَ:"ومن أتبع". ومناسبة الجملة للتي قبلها، أنه لما دَلّ عَلَى أن مطل الغني ظلم، عَقَّبَه بأنه ينبغي قبول الحوالة عَلَى المليء؛ لما فِي قبولها منْ دفع الظلم الحاصل بالمطل، فإنه قد تكون مطالبة المحال عليه سهلة عَلَى المحتال، دون المحيل، ففي قبول الحوالة إعانة عَلَى كفّه عن الظلم. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: