وحكى ابن عبد البر رحمه الله أنه عائد إلى معنى مؤمنين، أي لاحقون في حال إيمان؛ لأن الفتنة لا يأمنها أحد، ألا تَرى قول إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}[إبراهيم: ٣٥] وقول يوسف - صلى الله عليه وسلم -: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف: ١٠١] ولأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:"اللهم اقبضني إليك غير مفتون". اهـ. واستبعد الأبي الثالث بقوله - صلى الله عليه وسلم - للأنصار:"المحيا محياكم، والممات مماتكم". قال: إلا أن يكون قال ذلك قبل. اهـ كلام الزرقاني، وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم ج ٣ ص ١٣٨ بعد ذكر الأقوال الأربعة الأول ما نصه: وقيل أقوال أخر ضعيفة جدا تركتها لضعفها وعدم الحاجة إليها، منها: قول من قال: الاستثناء منقطع راجع إلى استصحاب الإيمان، وقول من قال كان معه - صلى الله عليه وسلم - مؤمنون حقيقة، وآخرون يظن بهم النفاق فعاد الاستثناء إليهم، وهذان القولان وإن كانا مشهورين فهما خطأ ظاهر. والله أعلم. اهـ كلام النووي.
(وددت) بكسر الدال، أي تمنيت وأحببت، ووجه اتصال وده برؤية أصحاب القبور أنه جاء تصور اللاحقين بتصور السابقين، وقيل: كشف له عليه الصلاة والسلام عالم الأرواح كلها (أني قد رأيت) أي في الدنيا ويحتمل تمنى لقائهم بعد الموت، قال عياض، وقال بعضهم: لعله أراد أن ينقل أصحابه من علم اليقين إلى عين اليقين، ويراهم هو ومن معه، وعند مسلم:"وددت أنا قد رأينا"، بصيغة الجمع، وقال الزرقاني: وفي رواية "أني لقيت". اهـ ج ١ ص ٦٣.
(إخواننا) المسلمين (قالوا) أي الصحابة الحاضرون معه (يا رسول الله ألسنا إخوانك) وعند مسلم "أو لسنا إخوانك"(قال: بل أنتم أصحابى) قال الباجي رحمه الله: لم ينف بذلك أخوتهم، ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة، واختصاصهم بها، وإنما منع أن يسموا بذلك لأن