التسمية والوصف على سبيل الثناء والمدح للمسمى يجب أن يكون بأرفع حالاته، وأفضل صفاته، وللصحابة بالصحبة درجة لا يلحقهم فيها أحد، فيجب أن يوصفوا بها. اهـ وقبله عياض. اهـ زرقاني ج ١ ص ٦٣.
وقال النووي رحمه الله: قال الإمام الباجي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنتم أصحابي" ليس نفيا لأخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة، فهؤلاء إخوة صحابة والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة، كما قال الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠] قال القاضي عياض رحمه
الله: ذهب أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في هذا الحديث وغيره من الأحاديث في فضل من يأتي آخر الزمان إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعدُ مَن هو أفضل ممن كان من جملة الصحابة، وأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خير القرون قرني" على الخصوص معناه خير الناس قرني، أي السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، ومن سلك مسلكلهم، فهؤلاء أفضل الأمة، وهم المرادون بالحديث، وأما من خلط في زمنه - صلى الله عليه وسلم - وإن رآه وصحبه، أو لم يكن له سابقة ولا أثر في الدين فقد يكون في القرون التي تأتي بعد القرن الأول من يفضلهم على ما دلت عليه الآثار.
قال القاضي رحمه الله: وقد ذهب إلى هذا أيضا غيره من المتكلمين على المعاني، قال: وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا، وأن من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورآه مرة من عمره، وحصلت له مزية الصحبة أفضل من كل من يأتي بعدُ، فإن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل، قالوا: وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنفق أحدكم مثل أحُد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه"(١) هذا كلام القاضي. والله أعلم. اهـ كلام النووي في شرح مسلم ج ٣ ص ١٣٨ - ١٣٩.