قَالَ القرطبيّ فِي "المفهم" ٥/ ١٥ - ١٦ - : إنما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَى مقتضى كرم خلقه، وحسن سياسته، وجلبًا للمصلحة، ودفعًا للمفسدة، وإطفاء للثائرة، وتأليفًا للأغراض المتنافرة، ولاسيما عند تعذر الوصول إلى إستيفاء الحق، ورواية منْ قَالَ:"منْ عنده" أصح منْ رواية منْ قَالَ: "منْ إبل الصدقة"، وَقَدْ قيل: إنها غلط، والأولى أن لا يُغَلَّط الراوي ما أمكن، فيحتمل أوجها، فذكر ما تقدم، وزاد أن يكون تَسَلَّفَ ذلك منْ إبل الصدقة؛ ليدفعه منْ مال الفيء، أو أن أولياء القتيل، كانوا مستحقين للصدقة، فأعطاهم، أو أعطاهم ذلك منْ سهم المؤلفة؛ استئلافا لهم، واستجلابا لليهود. انتهى.
(فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمِائَةِ نَاقَةٍ، حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ) أي أدخلت فِي دارهم (قَالَ سَهْلٌ) هو ابن أبي حثْمة -رضي الله عنه- الراوي لهذا الْحَدِيث (لَقَدْ رَكَضَتْنِي) أي ضربتني برجلها، قَالَ الفيّوميّ: رَكَضَ الرجلُ رَكْضًا، منْ باب قتل: إذا ضرب برجله، ويتعدّى إلى مفعول، فيقال: ركضتُ الفرس: إذا ضربته ليعدُوَ، ثم كثر، حَتَّى أُسند الفعل إلى الفرس، واستُعمل لازمًا، فقيل: رَكَضَ الفرسُ، قَالَ أبو زيد: يُستعمل لازمًا، ومتعدّيًا، فيقال: ركض الفرسُ، وركضته، ومنهم منْ منع استعماله لازمًا, ولا وجه للمنع بعد نقل العدل. وركض البعيرُ: ضرب برجله، مثلُ رمح. انتهى (مِنْهَا) أي منْ تلك الإبل (نَاقَةٌ حَمْرَاءُ) وفي رواية حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد:"أدركت ناقة منْ تلك الإبل، فدخلت مِرْبَدًا لهم، فركضتني برجلها"، وفي رواية شيبان بن بلال:"لقد ركضتني ناقة، منْ تلك الفرائض بالمربد"، وفي رواية محمد بن إسحاق:"فوالله ما أنسى ناقة بَكْرَة منها حمراء ضربتني، وأنا أَحُوزُها". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه- هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: