(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان كون الابتداء فِي القسامة بأولياء المقتول.
(ومنها): مشروعية القسامة، وبه يقول جمهور أهل العلم، وسيأتي تحقيق الخلاف فِي ذلك فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.
(ومنها): أنه استُدِلّ به عَلَى تقديم الأسن فِي الأمر المهم، إذا كانت فيه أهلية ذلك، لا ما إذا كَانَ عَرِيّا عن ذلك، وعلى ذلك يحمل الأمر بتقديم الأكبر، فِي حديث الباب، إما لأن ولي الدم، لم يكن متأهلا، فأقام الحاكم قريبه مقامه فِي الدعوى، وإما لغير ذلك.
(ومنها): إنَّ فيه التأنيسَ، والتسليةَ لأولياء المقتول، وليس فيه أنه حكم عَلَى الغائبين؛ لأنه لم يتقدم صورة دعوى عَلَى غائب، وإنما وقع الإخبار بما وقع، فذكر لهم قصة الحكم عَلَى التقديرين، ومن ثم كتب إلى اليهود، بعد أن دار بينهم الكلام المذكور.
(ومنها): أنه يؤخذ منه أن مجرد الدعوى، لا توجب إحضار المدعى عليه؛ لأن فِي إِحضاره مشغلة عن أشغاله، وتضييعا لماله، منْ غير موجب ثابت لذلك، أما لو ظهر ما يُقَوِّي الدعوى، منْ شبهة ظاهرة، فهل يسوغ استحضار الخصم، أولا؟ محل نظر، والراجح أن ذلك يختلف بالقرب والبعد، وشدة الضرر، وخفته.
(ومنها): أن فيه الاكتفاءَ بالمكاتبة، وبخبر الواحد مع إمكان المشافهة. (ومنها): أن اليمين قبل توجيهها منْ الحاكم، لا أثر لها؛ لقول اليهود فِي جوابهم: والله ما قتلنا. (ومنها): أن فِي قولهم: لا نرضى بأيمان اليهود، استبعادًا لصدقهم، لما عرفوه منْ إقدامهم عَلَى الكذب، وجراءتهم عَلَى الأيمان الفاجرة.
(ومنها): أنه استُدِلّ به عَلَى أن الدعوى فِي القسامة، لابد فيها منْ عداوة، أو لَوْث، واختلف فِي سماع هذه الدعوى، ولو لم توجب القسامة، فعن أحمد روايتان، وبسماعها قَالَ الشافعيّ؛ لعموم حديث: "اليمينُ عَلَى المدعَى عليه"، بعد قوله: "لو يُعطَى النَّاس بدعواهم، لادعى قوم دماء رجال، وأموالهم"، ولأنها دعوى فِي حق آدمي، فتُسمع، ويستحلف، وَقَدْ يقر، فيثبت الحق فِي قتله، ولا يقبل رجوعه عنه، فلو نكل رُدَّت عَلَى المدعِي، واستحق القَوَد فِي العمد، والدية فِي الخطأ، وعن الحنفية: لا ترد اليمين، وهي رواية عن أحمد.