منقطعٌ، معناه لكن إن أَعطى الله رجلاً فهمًا فِي كتابه، فهو يقدر عَلَى الاستنباط، فتحصل عنده الزيادة بذلك الاعتبار. وَقَدْ روى أحمد بإسناد حسن، منْ طريق طارق بن شهاب، قَالَ: شهِدتُ عليًّا عَلَى المنبر، وهو يقول:"والله ما عندنا كتاب نقرأه عليكم إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة"، وهو يؤيّد ما قلناه: إنه لم يُرد بالفهم شيئًا مكتوبًا. انتهى كلام الحافظ.
وسيأتي للمصنّف بعد ثلاثة أبواب عن أبي حسّان الأعرج، عن الأشتر، أنه قَالَ لعليّ -رضي الله عنه-: إن النَّاس قد تفشّغ (١) بهم ما يسمعون، فإن كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد إليك عهدًا، فحدّثنا به، قَالَ: ما عهد إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهدًا، لم يعهده إلى النَّاس .. الْحَدِيث.
(فَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ) بكسر القاف، وتخفيف الراء: هو وعاء يكون فيه السيف بغِمْده، وحمائله (فَإِذَا) هي "إذا" الفُجائيّة (فِيهِ: "الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ) أي تتساوى دماؤهم فِي القصاص، والديات، والكفء: النظير، والمساوي، ومنه الكفاءة فِي النكاح، والمراد أنه لا فرق بين الشريف والوضيع فِي الدم، بخلاف ما كَانَ عليه الجاهليّة، منْ المفاضلة، وعدم المساواة. قاله فِي "النيل" ٧/ ١٤.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا محلّ الترجمة، فقد أخذ منه المصنّف رحمه الله تعالى أن الحرّ يُقتل بالعبد؛ لمساواة الدماء، وفيه خلاف بين العلماء، سيأتي تحقيقه قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(وَهُمْ يَدٌ) أي قوّة (عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) أي هم مجتمعون عَلَى أعدائهم، لا يسعهم التخاذل، بل يُعاون بعضهم بعضًا عَلَى جميع الأديان والملل، كأنه جعل أيديهم يدًا واحدةً، وفعلَهم فعلاً واحدًا. قاله فِي "النهاية" ٥/ ٢٩٣.
وَقَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: "وهم يد": أي اللائق بحالهم أن يكونوا كيد واحدة فِي التعاون، والتعاضد عَلَى الأعداء، فكما أن اليد الواحدة لا يمكن أن يميل بعضها إلى جانب، وبعضها إلى آخر، فكذلك اللائق بشأن المؤمنين. انتهى "شرح السنديّ" ٧/ ٢٠.
(وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ) قَالَ فِي "النهاية" ٢/ ١٦٨ - : الذمّة، والذّمام: بمعنى: العهد، والأمان، والضمان، والحرمة، والحق: أي إذا أعطى أحدٌ لجيش العدوّ أمانًا جاز ذلك عَلَى جميع المسلمين، وليس لهم أن يُخْفِرُوه، ولا أن ينقضوا عليه عهده. انتهى.