وَقَالَ السنديّ: أي ذمّتهم فِي يد أقلّهم عددًا، وهو الواحد، أو أسفلهم رُتْبةً، وهو العبد، يمشي به، يَعقده لمن يرى منْ الكفرة، فإذا عقد حصل له الذمّة منْ الكلّ انتهى.
وَقَالَ الشوكانيّ: يعني أنه إذا أمن المسلم حربيّا، كَانَ أمانه أمانًا منْ جميع المسلمين، ولو كَانَ ذلك المسلم امرأةً، بشرط أن يكون مكلّفًا، فيحرم النكث منْ أحدهم بعد أمانه. "نيل الأوطار" ٧/ ١٤. وسيأتي بيان اختلاف العلماء فِي أمان المرأة، والعبد، ونحوهما قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(أَلَا) أداة استفتاح، وتنبيه (لَا يُقْتَلُ) بالبناء للمفعول (مُؤْمِنٌ بكَافِرٍ) أي إذا قتل مؤمن كافرًا فلا قصاص عليه. قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: ظاهره العموم، ومن لا يقول به يخصّه بغير الذمّيّ؛ جمعًا بينه وبين ما ثبت منْ أن لهم ما لنا، وعليهم ما علينا. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بالعموم هو الحقّ، وسيأتي تحقيق الخلاف بين العلماء فيه قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(وَلَا ذُو عَهْدٍ بِعَهْدِهِ) الباء بمعنى "فِي"، كما بُيّن فِي الرواية التالية، أي لا يُقتل صاحب العهد منْ الكفرة، كالذميّ، والمستأمن فِي وقت عهده بسبب قتله الكافر الحربيّ.
(مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا) -بفتحتين-: قَالَ ابن الأثير: الحدث: الأمر الحادث المنكر، الذي ليس بمعتاد، ولا معروف فِي السنّة. انتهى. والمعنى هنا: أنّ منْ فعل فعلاً يوجب عقوبة (فَعَلَى نَفْسِهِ) أي عقوبة ذنبه عَلَى نفسه فقط، لا يتعدّاه إلى غيره منْ أقاربه، وأرحامه (أَوْ آوَى مُحْدِثًا) قَالَ ابن الأثير: يروى بكسر الدال، وفتحها، عَلَى الفاعل، والمفعول، فمعنى الكسر: منْ نصر جانيًا، أو آواه، وأجاره منْ خصمه، وحال بينه وبين أن يقتصّ منه. والفتح: هو الأمر المبتَدَع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به، والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة، وأقرّ فاعلها, ولم يُنكر عليه، فقد آواه. انتهى "النهاية" ١/ ٣٥١.
(فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ) أي طرده منْ رحمته، يقال: لعنه لَعْنًا، منْ باب نفع: طرده، وأبعده، أو سبّه، فهو لعينٌ، وملعون. قاله الفيّوميّ (وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أي عليه دعاؤهم بلعنته، أي إنهم يدعون عليه أن يطرده الله تعالى عن رحمته.
[تنبيه]: أخرج البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" ٦/ ٢٤٨٢ حديث عليّ