انقطاعًا، وحديث أبي شُريح أخرجه أبو داود ٤٤٩٦ وابن ماجه ٢٦٢٣ وأحمد ٤/ ٣١ وغيرهم منْ طريق محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن سفيان بن أبي العوجاء، عنه، وسفيان ضعيف، وابن إسحاق مدلّس، وَقَدْ عنعنه (١). والله تعالى أعلم بالصواب.
[تنبيه آخر]: قَالَ أبو عبيد: ذهب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إلى أن هذه الآية ليست منسوخة بآية [المائدة: ٤٥]: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}، بل هما محكمتان، وكأنه رأى أن آية المائدة مفسرة لآية البقرة، وأن المراد بالنفس نفس الأحرار، ذكورهم وإناثهم، دون الأرقاء، فان أنفسهم متساوية، دون الأحرار. وَقَالَ إسماعيل: المراد بالنفسِ النفسُ المكافئة للأخرى فِي الحدود؛ لأن الحر لو قذف عبدا لم يجلد اتفاقا، والقتل قصاصا منْ جملة الحدود، قَالَ وبَيَّنَه قوله فِي الآية:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}، فمن هنا يَخرُج العبد والكافر؛ لأن العبد ليس له أن يتصدق بدمه، ولا بجرحه، ولأن الكافر لا يسمى متصدقا, ولا مُكَفَّرا عنه.
قَالَ الحافظ: محصل كلام ابن عباس يدل عَلَى أن قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} أي علي بني إسرائيل فِي التوراة: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} مطلقا، فخفف عن هذه الأمة بمشروعية الدية، بدلا عن القتل لمن عفا منْ الأولياء عن القصاص، وبتخصيصه بالحر فِي الحر، فحينئذ لا حجة فِي آية المائدة، لمن تمسك بها فِي قتل الحر بالعبد، والمسلم بالكافر؛ لأن شرع منْ قبلنا إنما يتمسك منه بما لم يَرِد فِي شرعنا ما يخالفه. وَقَدْ قيل: إن شريعة عيسى لم يكن فيها قصاص، وإنه كَانَ فيها الدية فقط، فإن ثبت ذلك امتازت شريعة الإِسلام، بأنها جمعت الأمرين، فكانت وسطى، لا إفراط ولا تفريط. انتهى "فتح" ١٤/ ١٩٣ - ١٩٤. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٧/ ٤٧٨٣ - وفي "الكبرى" ٢٦/ ٦٩٨٣. وأخرجه (خ) فِي "التفسير" ٤٤٩٨ و"الديات" ٦٨٨١.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(١) راجع "إرواء الغليل" ٧/ ٢٧٨ رقم الْحَدِيث ٢٢٢٠.