"فهو خطأ": أي فحكمه حكم قتل الخطإ، فتجب الدية، دون القصاص (وَمَنْ قَتَلَ) بالبناء للفاعل (عَمْدًا فَقَوَدُ يَدِهِ) أَيْ فعليه قودُ نفسه، أو فحكمُ قتله قودُ نفسه، وعبّر باليد عن النفس مجازًا، أو المعنى: فعليه قود عمل يده الذي هو القتل، فأُضيف القود إلى اليد مجازًا (فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ) أي بين القاتل (وَبَيْنَهُ) أي بين القود بمنع أولياء المقتول عن قتله، بعد طلبهم ذلك، وليس المراد به طلب العفو عن القصاص، فإنه جائز، فقد تقدّم قبل بابين حديث أنس -رضي الله عنه-: "ما أُتي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي شيء فيه قصاص، إلا أمر فيه بالعفو"(فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ) أي طرده منْ رحمته (وَالْمَلَائِكَةِ) أي دعاؤهم عليه بأن يطرده الله تعالى عن رحمته (وَالنَّاسِ) أي دعاؤهم عليه أيضًا بالطرد. والمعنى أنه يستحقّ ذلك، إن لم يعفو الله تعالى عنه. وقوله (أَجْمَعِينَ) تأكيد للملائكة، والناس.
(لَا يُقْبَلُ) بالبناء للمفعول (مِنْهُ صَرْفٌ) قيل: معناه: توبة؛ لما فيها منْ صرف الإنسان نفسه منْ حال المعصية إلى حال الطاعة (وَلَا عَدْلٌ) أي فداء، مأخوذ منْ التعادل، وهو التساوي؛ لأن فداء الأسير يساويه، والمراد التغليظ، والتشديد فيمن حال بين الحدود، وأمثالها. قاله السنديّ.
وَقَالَ الخطّابيّ: فسّروا العدل بالفريضة، والصرف بالتطوّع. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٣١/ ٤٧٩١ و٤٧٩٢ - وفي "الكبرى" ٣٠/ ٦٩٩٢ و٦٩٩٣. وأخرجه (د) فِي "الديات" ٤٥٣٩ (ق) فِي "الديات" ٢٦٣٥. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم المقتول بحجر، أو سوط، أو نحو ذلك، فِي حال الترامي بالحجارة، ولم يعرف القاتل، وهو كونه فِي حكم الخطإ، فتجب الدية، دون القصاص. (ومنها): بيان حكم منْ قَتَلَ عمدًا، وهو وجوب الدية عليه. (ومنها): تحريم الحيلولة بين أولياء القتيل، والقاتل لئلا يقتصّوا منه. (ومنها): أن منْ فعل ذلك يستحقّ لعنة الله تعالى، والملائكة، والناس أجمعين، وأن الله تعالى منه لا يَقبل عمله؛ لقبح صنيعه هَذَا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.