رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بعد الرجل الذي عرج، منْ كَانَ به جرح، أن لا يستقيد حَتَّى تبرأ جراحته، فإذا برئت جراحته استقاد. انتهى.
وفي إسناده محمد بن إسحاق، وهو مدلّسٌ، ولم يُصرّح بالتحديث، لكن تابعه ببعضه سليمان بن موسى الأشدق عند المصنّف فِي هَذَا الباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله عمرو رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيحٌ.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وَقَدْ صرح المصنّف بأنه منكر، فَقَالَ فِي "الكبرى" ٤/ ٢٣٤ رقم ٧٠٠٤ - : قَالَ أبو عبد الرحمن: هَذَا حديث منكر، وسليمان بن موسى ليس بالقويّ فِي الْحَدِيث، ولا محمد بن راشد. انتهى.
[قلت]: سليمان بن موسى، ومحمد بن راشد قد وثقهما، وأثنى عليهما كثير منْ الأئمة، بل المصنّف نفسه وثّق محمد بن راشد فِي رواية أخرى، كما سيأتي قريباً، ودونك بعض أقوال الأئمة فيهما:
فأما سليمان بن موسى، فقد وثّقه ابن معين، ودُحيم، وَقَالَ ابن معين ليحيى بن أكثم: سليمان بن موسى ثقة، وحديثه صحيح عندنا. ووقال ابن سعد: كَانَ ثقة، أثنى عليه ابن جريج. وَقَالَ الدارقطنيّ فِي "العلل" منْ الثقات، أثني عليه عطاء، والزهريّ. وَقَالَ أبو حاتم: محله الصدف، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا منْ أصحاب مكحول أفقه منه، ولا أثبت منه. وَقَالَ ابن عديّ: فقيه راو، حدّث عنه الثقات، وهو أحد علماء أهل الشام، وَقَدْ روى أحاديث ينفرد بها، لا يرويها غيره، وهو عندي ثَبْتٌ صدوقٌ. انظر ترجمته فِي "تهذيب التهذيب" ٢/ ١١١ - ١١٢.
وأما محمد بن راشد، فإنما تكلموا فيه للقدر، والتشيّع، وَقَدْ وثقه أحمد، وابن معين، وابن المدينيّ، والنسائيّ فِي رواية عنه، وفي رواية: لا بأس به، وضعّفه هنا، وَقَالَ أبو حاتم: كَانَ صدوقًا، حسن الْحَدِيث. وعن ابن المبارك: صدوق اللسان، اتُّهم بالقدر. وَقَالَ أحمد: ثقة ثقة، قَالَ لنا عبد الرزاق: ما رأيت أحدًا أورع فِي الْحَدِيث منه. وَقَالَ الجوزجاني: وكان فيما سمعت متحرّيا للصدق فِي حديثه. وَقَالَ ابن عديّ: ليس برواياته بأسٌ، وإذا حدّث عنه ثقة، فحديثه مستقيم. وَقَالَ دُحيم: كَانَ يُذكر بالقدر، إلا أنه مستقيم الْحَدِيث. وغير هؤلاء، راجع ترجمته فِي "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٥٩ - ٥٦٠.