للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسلم عَلَى النصف منْ دياتهم، كذلك نساء أهل الكتاب عَلَى النصف منْ دياتهم. انتهى كلام الموفّق "المغني" ١٢/ ٥١ - ٥٣.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد اتّضح بما ذُكر منْ الأدلّة أن أرجح الأقوال هو القول الأول، وهو أن دية الكتابيّ نصف دية المسلم؛ لصحّة حديث الباب الذي هو نصّ فِي الموضوع، فتبصّر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي دية الكافر غير الكتابيّ:

ذهب أكثر أهل العلم إلى أن دية المجوسي ثمانمائة درهم، ونساؤهم عَلَى النصف، قَالَ الإمام أحمد: ما أقل ما اختُلف فِي دية المجوسي، وممن قَالَ ذلك: عمر، وعثمان، وابن مسعود رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعطاء، وعكرمة، والحسن، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

ورُوي عن عمر بن عبد العزيز أنه قَالَ: ديته نصف دية المسلم، كدية الكتابي؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب" (١).

وَقَالَ النخعي، والشعبي، وأصحاب الرأي: ديته كدية المسلم؛ لأنه آدمي حر معصوم، فأشبه المسلم.

قَالَ الموفّق: ولنا قول منْ سمينا منْ الصحابة، ولم نَعرِف لهم فِي عصرهم مخالفا، فكان إجماعا، وقوله: "سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب"، يعني فِي أخذ جزيتهم، وحَقْن دمائهم، بدليل أن ذبائحهم، ونساءهم لا تحل لنا، ولا يجوز اعتباره بالمسلم، ولا الكتابي، لنقصان ديته وأحكامه عنهما، فينبغي أن تنقص ديته، كنقص المرأة عن دية الرجل، وسواء كَانَ المجوسي ذميا، أو مستأمنا؛ لأنه محقون الدم، ونساؤهم عَلَى النصف منْ دياتهم بإجماع، وجراح كل واحد معتبرة منْ ديته، وإن قتلوا عمدا أضعفت الدية عَلَى القاتل المسلم؛ لإزالة القود، نص عليه أحمد قياسا عَلَى الكتابي.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن الأرجح هو القول الأول، وهو أن دية المجوسيّ ثمانمائة درهم؛ للدليل الذي ذكره الموفّق، وأما حديث: "سُنّوا بهم سنة أهل الكتاب"، فضعيفٌ؛ لأنه منْ رواية محمد بن عليّ الباقر، عن عمر -رضي الله عنه-, ولم يدركه، فتنبّه. والله تعالى أعلم.

قَالَ: فأما عبدة الأوثان، وسائر منْ لا كتاب له، كالتُّرك، ومن عبد ما استحسن فلا


(١) أخرجه مالك فِي "الموطإ" وهو ضعيف؛ للانقطاع فِي سنده. انظر "الإرواء" ٥/ ٨٨.