يكون مَنْ عداهم بخلافهم؛ لمفهوم اللقب، وهو غير معمول به عند الجمهور، وهو الحق، فلا يصلح لتخصيص قوله صلى الله عليه وآله وسلم:"عقل الكافر نصف دية المسلم"، ولا لتقييده عَلَى فرض الإطلاق، ولاسيما ومخرج اللفظين واحد، والراوي واحد، فإن ذلك يفيد أن أحدهما منْ تصرف الراوي، واللازم الأخذ بما هو مشتمل عَلَى زيادة، فيكون المجوسي داخلا تحت ذلك العموم، وكذلك كل منْ له ذمة منْ الكفار، ولا يخرج عنه إلا منْ لا ذمة له، ولا أمان، ولا عهد منْ المسلمين؛ لأنه مباح الدم، ولو فُرض عدم دخول المجوسي تحت ذلك اللفظ، كَانَ حكمه حكم اليهود والنصارى، والجامع الذمة منْ المسلمين للجميع. ويؤيد ذلك حديث "سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب"(١).
ويجاب عنه أَوَّلاً بمنع كون المعهود ههنا هو دية المسلم، لم لا يجوز أن يكون المراد بالدية الدية المتعارفة بين المسلمين لأهل الذمة والمعاهدين، وثانيا بأن هَذَا الإطلاق مقيد بحديث الباب.
واستدلوا ثانيا بما أخرجه الترمذيّ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وَقَالَ: غريب: أن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم، وَدَى العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، وكان لهما عهد منْ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم، لم يشعر به عمرو بدية المسلمين، وبما أخرجه البيهقي عن الزهريّ: أنها كانت دية اليهودي والنصراني فِي زمن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم، مثل دية المسلم، وفي زمن أبي بكر، وعمر، وعثمان -رضي الله عنهم-، فلما كَانَ معاوية أعطى أهل المقتول النصف، وألقى النصف فِي بيت المال، قَالَ: ثم قضى عمر بن عبد العزيز بالنصف، وألغى ما كَانَ جعل معاوية، وبما أخرجه أيضا عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قَالَ جعل: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دية العامريين دية الحر المسلم، وكان لهما عهد، وأخرج أيضا منْ وجه آخر: أنه صلى الله عليه وآله وسلم جعل دية