والتسوية [٨] ٥/ ٤٥٤، وابن جريج سبق فِي السند الماضي، والباقون تقدّموا قبل بابين، وكذا لطائف الإسناد تعلم مما سبق. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ) شعيب (عَنْ جَدِّهِ) عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَطَبَّبَ) بتشديد الباء الموحّدة الأولى: أي تكلّف، وتعاطى علم الطبّ، وعالج مريضًا (وَلَمْ يُعْلَمْ) بالبناء للمفعول (مِنْهُ طِبٌّ) أي معالجة صحيحة غالبة عَلَى الخطإ (قَيْلَ ذَلِكَ) أي قبل أن يعالج منْ مات بسبب طبّه، ففي الكلام تقدير: أي فأخطأ فِي طبه، وتلف المريض الذي عالجه، أو شيء منه. والجملة الفعليّة فِي محلّ نصب عَلَى الحال، والحال أنه لا يُعرف كونه طبيبًا قبل أن يعالج هَذَا المريض الذي مات بسبب طبّه (فَهُوَ ضَامِنٌ) أي لما أتلفه بطبه، لأنه تولّد منْ فعله الهلاك، وهو متعدّ فيه؛ إذ لا يُعرف ذلك منه، فتكون جنايته مضمونة عَلَى عاقلته.
قَالَ الخطابيّ رحمه الله تعالى: لا أعلم خلافًا فِي أن المعالج إذا تعدّى، فتلف المريض كَانَ ضامنًا، والمتعاطي علمًا، أو عملاً لا يعرفه متعدّ، فإذا تولّد منْ فعله التلف ضمن الدية، وسقط القود عنه؛ لأنه لا يستبدّ بذلك، دون إذن المريض، وجناية الطبيب فِي قول عامّة الفقهاء عَلَى عاقلته. انتهى "معالم السنن" ٦/ ٣٧٨ - ٣٧٩.
وأخرج أبو داود فِي "سننه" منْ طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قَالَ: حدّثني بعض الوفد الذين قَدِموا عَلَى أبي، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيما طبيب تطبّب عَلَى قوم، لا يعرف له تطبّبٌ قبل ذلك، فأعنت، فهو ضامن"، قَالَ عبد العزيز: أما إنه ليس بالنعت، إنما هو قطع العُرُوق، والبطّ، والكيّ. انتهى. وقوله: "فأعنت": أي أضرّ بالمريض، وأفسده. وقوله: "البطّ": أي الشقّ. و"الكيّ": أي حرق الجلد بحديدة، ونحوها. ومراد عبد العزيز -والله أعلم- أن لفظ الطبيب الواقع فِي الْحَدِيث ليس المقصود منه معناه الوصفيّ العامّ الشامل لكلّ منْ يُعالج، بل المقصود منه قاطع العروق، والباطّ، والكاوي، ولكن أنت تعلم أن لفظ الطبيب فِي اللغة عامّ لكلّ منْ يعالج الجسم، فلابدّ للتخصيص ببعض الأنواع منْ دليل. انتهى "عون المعبود" ١٢/ ٣٣٠ - ٣٣١.
وَقَالَ المنذريّ رحمه الله تعالى فِي "مختصر السنن" ٦/ ٣٨١: بعض الوافدين مجهول، ولا يُعلم له صحبة، أم لا؟. انتهى. يعني أن الْحَدِيث ضعيف؛ للجهالة المذكورة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.