الصحابة عَلَى ما سنذكره، وهذا يخص عموم الآية، والحبل يحتمل أن يساوي ذلك، وكذلك البيضة يحتمل أن يراد بها بيضة السلاح، وهي تساوي ذلك.
واختلفت الرواية عن أحمد فِي قدر النصاب، الذي يجب القطع بسرقته، فرَوَى عنه أبو إسحاق الجوزجاني، أنه ربع دينار منْ الذهب، أو ثلاثة دراهم منْ الورق، أو ما قيمته ثلاثة دراهم، منْ غيرهما، وهذا قول مالك، وإسحاق.
وروى عنه الأثرم: أنه إن سرق منْ غير الذهب والفضة ما قيمته ربع دينار، أو ثلاثة دراهم قُطع، فعلى هَذَا يُقَوَّم غير الأثمان بأدنى الأمرين، منْ ربع دينار، أو ثلاثة دراهم. وعنه أن الأصل الورق، ويُقَوَّم الذهب به، فإن نقص ربع دينار عن ثلاثة دراهم، لم يقطع سارقه، وهذا يُحكى عن الليث، وأبي ثور، وقالت عائشة:"لا قطع إلا فِي ربع دينار فصاعدا"، ورُوي هَذَا عن عمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم، وبه قَالَ الفقهاء السبعة، وعمر بن عبد العزيز، والأوزاعي، والشافعي، وابن المنذر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ:"لا قطع إلا فِي ربع دينار فصاعدا".
وَقَالَ عثمان البتي: تقطع اليد فِي درهم، فما فوقه، وعن أبي هريرة، وأبي سعيد: أن اليد تقطع منْ أربعة دراهم فصاعدا، وعن عمر:"أن الخمس لا تُقطع إلا فِي الخمس"، وبه قَالَ سليمان بن يسار، وابن أبي ليلى، وابن شُبْرُمة، ورُوي ذلك عن الحسن. وَقَالَ أنس: قطع أبو بكر فِي مجن، قيمته خمسة دراهم، رواه الجوزجاني بإسناده. وَقَالَ عطاء، وأبو حنيفة، وأصحابه: لا تقطع اليد، إلا فِي دينار، أو عشرة دراهم؛ لما روى الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قَالَ:"لا قطع إلا فِي عشرة دراهم"، ورَوَى ابنُ عباس، قَالَ: قطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يد رجل فِي مجن، قيمته دينار، أو عشرة دراهم. وعن النخعي: لا تقطع اليد إلا فِي أربعين درهما. قَالَ: ولنا ما روى ابنُ عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قطع فِي مجن، ثمنه ثلاثة دراهم، متَّفقٌ عليه، قَالَ ابن عبد البرّ: هَذَا أصح حديث، يُروَى فِي هَذَا الباب، لا يختلف أهل العلم فِي ذلك. وحديثُ أبي حنيفة الأول، يرويه الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، والذي يرويه عن الحجاج ضعيف أيضًا، والحديث الثاني، لا دلالة فيه عَلَى أنه لا يُقطع بما دونه، فإن منْ أوجب القطع بثلاثة دراهم، أوجبه بعشرة. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله تعالى "المغني" ١٢/ ٤١٨ - ٤٢٠.
وَقَالَ فِي "الفتح": وَقَدْ تمسك مالك رحمه الله تعالى بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فِي اعتبار النصاب بالفضة، وأجاب الشافعيّة، وسائر منْ خالفه، بأنه ليس فِي طرقه أنه لا يقطع فِي أقل منْ ذلك، وأورد الطحاوي حديث سعد، الذي أخرجه