للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنه. وَقَالَ أحمد: حدّثنا عبد الرحمن بن مهديّ، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، أنه قَالَ لغلمانه: منْ أراد منكم الباءة زوّجناه، لا يزني منكم زان، إلا نزع الله منه نور الإيمان، فإن شاء أن يردّه ردّه، وإن شاء أن يمنعه منعه". وَقَالَ أبو داود السجستانيّ: حدّثنا عبد الوهّاب بن نَجْدة، حدّثنا بقية بن الوليد، حدّثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الله بن ربيعة الحضرميّ، أنه أخبره، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه كَانَ يقول: "إنما الإيمان كثوب أحدكم، يلبسه مرّةً، ويقلعه أخرى"، وكذلك رواه بإسناده عن عمر -رضي الله عنه-. ورى عن الحسن، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً. وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان، فكان كالظلّة، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان". انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" ٧/ ٥ - ٣٣. وهو تحقيق نفيس جدًّا، لا تجده فِي كتاب غيره، فاغتنمه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي إطلاق الإنسان قوله: أنا مؤمنٌ:

قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: اختلف العلماء منْ السلف وغيرهم، فى إطلاق الإنسان قوله: أنا مؤمن، فَقَالَ طائفة: لا يقول: أنا مؤمن، مقتصرا عليه، بل يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وحَكَى هَذَا المذهب بعض أصحابنا عن أكثر أصحابنا المتكلمين، وذهب آخرون إلى جواز الإطلاق، وأنه لا يقول: إن شاء الله، وهذا هو المختار، وقول أهل التحقيق، وذهب الأوزاعيّ، وغيره إلى جواز الأمرين، والكل صحيح باعتبارات مختلفة، فمن أطلق نظر إلى الحال، وأحكام الإيمان جارية عليه فى الحال، ومن قَالَ: إن شاء الله، فقالوا فيه: هو إما للتبرك، وإما لاعتبار العاقبة، وما قدر الله تعالى، فلا يدري أيثبت عَلَى الإيمان، أم يُصرَف عنه، والقول بالتخيير حسن صحيح، نظرًا إلى مأخذ القولين الأولين، ورفعًا لحقيقة الخلاف.

وأما الكافر ففيه خلاف غريب لأصحابنا، منهم منْ قَالَ: يقال: هو كافر، ولا يقول: إن شاء الله، ومنهم منْ قَالَ: هو فى التقييد كالمسلم عَلَى ما تقدم، فيقال على قول التقييد: هو كافر إن شاء الله نظرا إلى الخاتمة، وأنها مجهولة، وهذا القول اختاره بعض المحققين، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ.

وَقَالَ الحافظ السيوطيّ رحمه الله تعالى فِي "الكوكب الساطع":

وَجَازَ أَنْ يَقُولَ إِنِّي مُؤْمِنُ … إِنْ شَاءَ رَبِّي خَشْيَةَ أَنْ يُفْتَنُ

بَلْ هُوَ أَوْلَى عِنْدَ جُلِّ السَّلَفِ … وَأَنْكَرَ الْقَوْلَ بِهَذَا الْحَنَفِي

يعني أن قوله: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى جائز؛ خشية أن يُفتن، لا شكًّا فِي