للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مستوفًى فِي محالّه منْ هَذَا الشرح، وإنما أعدته تذكيرًا بما سلف. والله تعالى ولي التوفيق.

[تنبيه]: قد اختلف الرواة فِي ذكر الحجّ هنا، فمنهم منْ ذكره، ومنهم منْ أسقطه، إما غفلة، أو نسيانًا.

قَالَ فِي "الفتح": [فإن قيل]: لم لم يذكر الحج؟ أجاب بعضهم باحتمال أنه لم يكن فُرِض. وهو مردود بما رواه ابن منده فِي "كتاب الإيمان" بإسناده الذي عَلَى شرط مسلم، منْ طريق سليمان التيمي، فِي حديث عمر -رضي الله عنه- أوله: أن رجلا فِي آخر عمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر الْحَدِيث بطوله، وآخر عمره -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أن يكون بعد حجة الوداع، فإِنها آخر سفراته، ثم بعد قدومه بقليل، دون ثلاثة أشهر مات، وكأنه إنما جاء بعد إنزال جميع الأحكام، لتقرير أمور الدين التي بَلّغها متفرقة، فِي مجلس واحد؛ لتنضبط. ويُستنبط منه جواز سؤال العالم، ما لا يجهله السائل؛ ليعلمه السامع. وأما الحج فقد ذُكِر لكن بعض الرواة إما ذَهِل عنه، وإما نسيه، والدليل عَلَى ذلك اختلافهم فِي ذكر بعض الأعمال دون بعض، ففي رواية كهمس: "وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا"، وكذا فِي حديث أنس، وفي رواية عطاء الخراساني لم يذكر الصوم، وفي حديث أبي عامر ذَكَر الصلاة، والزكاة حسب، ولم يذكر فِي حديث ابن عباس مزيدا عَلَى الشهادتين، وذَكَر سليمان التيمي فِي روايته الجميع، وزاد بعد قوله: "وتحج": "وتعتمر، وتغتسل منْ الجنابة، وتتمم الوضوء"، وَقَالَ مطر الوراق فِي روايته: "وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة"، قَالَ: فذكر عُرَى الإسلام، فتبين ما قلناه: إن بعض الرواة ضبط ما لم يضبطه غيره. انتهى "فتح" ١/ ١٦٣ - ١٦٤.

(قَالَ) الرجل السائل (صَدَقْتَ، فَعَجبْنَا إِلَيْهِ) وفي رواية مسلم: "له" بدل "إليه" (يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ) وفي حديث أبي هريرة، وأبَي ذرّ الآتي: "فلما سمعنا قول الرجل: صدقت أنكرناه"، وفي رواية مطر الوراق: "انظروا إليه كيف يسأله، وانظروا إليه كيف يصدقه"، وفي حديث أنس: "انظروا وهو يسأله، وهو يصدقه، كأنه أعلم منه"، وفي رواية سليمان بن بريدة قَالَ القوم: "ما رأينا رجلاً مثل هَذَا، كأنه يُعَلِّم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، يقول له: صدقت صدقت"، قَالَ القرطبيّ: إنما عجبوا منْ ذلك؛ لأن ما جاء به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، لا يُعرَف إلا منْ جهته، وليس هَذَا السائل ممن عُرف بلقاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولا بالسماع منه، ثم هو يسأل سؤال عارف، محقق مصدق؛ فتعجبوا منْ ذلك، تعجب المستبعد لأن يكون أحد يعرف تلك الأمور المسؤول عنها منْ غير جهة النبىّ. انتهى. "المفهم" ١/ ١٥١.

(ثُمَّ قَالَ) الرجل (أَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ، قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ) قَالَ أبو العبّاس