الثامن: فيه أنهم كانوا يَشْكُون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جميع ما ينزل بهم.
التاسع: استدل به بعضهم على أن رؤية المتيمم الماء في صلاته لا ينقض طهارته. قال البدر العيني: لا يصح الاستدلال به لأنه ليس من باب ما ذكرناه من أن المعنى إذا كان أوسع من الاسم كان الحكم للمعنى لأنه هو فيما يقع تحت الجنس الواحد، ولا شك أن المقصود به جنس الخارجات من البدن، فالتعدي إلى غير الجنس المقصود به اغتصاب للأحكام، ذكر هذه الفوائد العيني في عمدة القاري ج ٢ ص ٢٥٢ - ٢٥٤ ونقلته عنه باختصار.
المسألة الخامسة قد ذكر العلامة ابن دقيق العيد في هذه المسألة تحقيقا حسنا أحببت إيراده، وإن كان جُلّه مفهوما مما مر، غير أن فيه زيادة إيضاح، وتفصيل لمآخذ العلماء في إعْمال الأصل وطرح الشك.
قال رحمه الله تعالى: الحديث أصل في إعمال الأصل وطرح الشك، وكان العلماء متفقون على هذه القاعدة، لكنهم يختلفون في كيفية استعمالها.
مثاله: هذه المسألة التي دل عليها الحديث، وهي مَن شك في الحدث بعد سبق الطهارة، فالشافعي أعمل الأصل السابق، وهي الطهارة، وطرح الشك الطارئ، وأجاز الصلاة في هذه الحالة. ومالك منع من الصلاة مع الشك في بقاء الطهارة، وكأنه أعمل الأصل الأول، وهو ترتب الصلاة في الذمة، ورأى أن لا تزال إلا بطهارة متيقنة، وهذا الحديث ظاهر في إعمال الطهارة الأولى، واطراح الشك. والقائلون بهذا اختلفوا: فالشافعي اطرح الشك مطلقا، وبعض المالكية اطرحه بشرط أن يكون في الصلاة وهذا له وجه حسن، فإن القاعدة: أن مورد النص إذا وجد فيه معنى يمكن أن يكون معتبرا في الحكم فالأصل يقتضي اعتباره وعدم اطراحه، وهذا الحديث يدل على اطراح الشك إذا وجد