(فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ) الجارّان متعلّقان بـ"يُكبّوا": والمعنى: إني لأعطي رجالا منْ المال؛ خوفًا عليهم أي يتكلموا بما لا يليق، أو يرتدّوا؛ لضعف إيمانهم، إن لم أعطهم، أو فيلقيهم الله تعالى فِي نار جهنم منكوسين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تأويل الآية الكريمة، وَقَدْ بينت الرواية التالية أن الزهريّ قَالَ بعد أن رواه:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا}. (ومنها): التفرقة بين حقيقتي الإيمان والإسلام. (ومنها): ترك القطع بالإيمان الكامل، لمن لم يَنُصّ عليه الشارع، وأما منع القطع بالجنة، فلا يؤخذ منْ هَذَا صريحا، وإن تعرض له بعض الشارحين، نعم هو كذلك، فيمن لم يثبت فيه النص. قاله فِي "الفتح". (ومنها): أن فيه الردَّ عَلَى غلاة المرجئة فِي اكتفائهم فِي الإيمان بنطق اللسان. (ومنها): جواز تصرف الإمام فِي مال المصالح، وتقديم الأهم فالأهم، وإن خفي وجه ذلك عَلَى بعض الرعية. (ومنها): جواز الشفاعة عند الإمام، فيما يعتقد الشافع جوازه. (ومنها): تنبيه الصغير للكبير، عَلَى ما يظن أنه ذَهِلَ عنه، ومراجعة المشفوع إليه فِي الأمر، إذا لم يؤد إلى مفسدة. (ومنها): أن الإسرار بالنصيحه أولى منْ الإعلان، فقد ثبت عند البخاريّ فِي "كتاب الزكاة" قول سعد -رضي الله عنه-: "فقمت إليه، فساررته"، وَقَدْ يتعين إذا جر الإعلان إلى مفسدة. (ومنها): أن منْ أشير عليه بما يعتقده المشير مصلحةً، لا ينكر عليه، بل يبين له وجه الصواب. (ومنها): الاعتذار إلى الشافع إذا كانت المصلحة فِي ترك إجابته، وأن لا عيب عَلَى الشافع، إذا رُدّت شفاعته لذلك. (ومنها): استحباب ترك الالحاح فِي السؤال، كما استنبطه البخاريّ منه فِي "الزكاة"، ووجه ذلك: إما لأن سياقه يُشعر بأنه -صلى الله عليه وسلم- كره منْ سعد إلحاحه فِي المسألة، أو منْ جهة أن المشفوع له ترك السؤال، فمُدح. أفاده فِي "الفتح" ١/ ١١٤ و٤/ ١٠٧.