الوهم منْ ابن أبي عمر، قَالَ الحافظ: وهو محتمل؛ لأن يكون الوهم صدر منه، لَمّا حَدّث به مسلما، لكن لم يتعين الوهم فِي جهته، وحمله الشيخ محيي الدين عَلَى أن ابن عيينة، حدث به مرة بإسقاط معمر، ومرةً بإثباته، وفيه بُعْدٌ؛ لأن الروايات قد تضافرت عن ابن عيينة بإثبات معمر، ولم يوجد بإسقاطه إلا عند مسلم، والموجود فِي مسند شيخه بلا إسقاط، كما قدمناه، وَقَدْ أوضحت ذلك بدلائله فِي كتاب "تغليق التعليق".
ورواه أحمد، والحميديّ، وغيرهما عن عبد الرزّاق، عن معمر، وفيه أنه أعاد السؤال ثلاثًا، وفيه منْ الزيادة: قَالَ الزهريّ: "فترى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل".
وَقَدْ استُشكل هَذَا بالنظر، إلى حديث سؤال جبريل، فإن ظاهره يخالفه، ويمكن أن يكون مراد الزهريّ أن المرء يُحكم بإسلامه، ويُسَمّى مسلما، إذا تلفظ بالكلمة، أي كلمة الشهادة، وأنه لا يسمى مؤمنا إلا بالعمل، والعمل يشمل عمل القلب والجوارح، وعمل الجوارح يدلّ عَلَى صدقه، وأما الإسلام المذكور فِي حديث جبريل -عليه السلام-، فهو الشرعي الكامل، المراد بقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}. انتهى "فتح" ١/ ١١٥.
[تنبيه آخر]: روى هَذَا الحديثَ ابنُ وهب، ورِشْدِين بن سعد جميعا، عن يونس، عن الزهريّ بسند آخر، قَالَ: "عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه"، أخرجه ابن أبي حاتم، ونقل عن أبيه أنه خطأ منْ راويه، وهو الوليد بن مسلم عنهما. أفاده فِي "الفتح". يعني أن الصواب: "عن الزهريّ، عن عامر بن سعد، عن أبيه". والله تعالى أعلم.
والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق شرحه، وبيان مسائله فِي الْحَدِيث الماضي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤٩٩٦ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: "أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ").
رجال هَذَا الإسناد: خمسة:
١ - (قتيبة) بن سعيد الثقفىّ البغلانيّ، ثقة ثبت [١٠] ١/ ١.
٢ - (حماد) بن زيد بن درهم، الجهضميّ، أبو إسماعيل البصريّ، ثقة ثبت ٣/ ٣.
٣ - (عمرو) بن دينار الأثرم الجمحيّ، أبو محمد المكيّ، ثقة ثبت [٤] ١١٢/ ١٥٤.
٤ - (نافع بن جبير بن مُطعم) النوفليّ المدنيّ، ثقة فاضلّ [٣] ٩٦/ ١٢٤.