وقوله:(شَهَادَةِ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) وما بعدها، مخفوض عَلَى البدل منْ "خمس"، ويجوز الرفع عَلَى حذف الخبر، والتقدير: منها شهادة أن لا إله الا الله، أو عَلَى حذف المبتدإ، والتقدير: أحدها: شهادة أن لا إله الا الله، ويجوز النصب عدى تقدير فعل: أي أعني شهادة أن لا إله إلا الله.
[فإن قيل]: لم يذكر الإيمان بالأنبياء، والملائكة، وغير ذلك، مما تضمنه سؤال جبريل عليه السلام. [أجيب]: بأن المراد بالشهاده تصديق الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما جاء به، فيستلزم جميع ما ذُكر، منْ المعتقدات. وَقَالَ الإسماعيلي: ما مُحَصَّله: هو منْ باب تسمية الشيء ببعضه، كما تقول: قرأت "الحمد" وتريد جميع الفاتحة، وكذا تقول مثلا: شهدت برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتريد جميع ما ذُكِر، والله تعالى أعلم. قاله فِي "الفتح" ١/ ٧٣.
(وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) المراد بإقام الصلاة: المداومة عليها، أو مطلق الإتيان بها (وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) المراد بإيتائها إخراج جزء منْ المال، عَلَى وجه مخصوص (وَالْحَجِّ) أي قصد بيت الله الحرام للعبادة المخصوصة (وَصِيَامِ رَمَضَانَ") أي الإمساك فِي نهار شهر رمضان عن المفطّرات مع النيّة.
[تنبيه]: وقع هنا تقديم الحج عَلَى الصوم، وعليه بني البخاريّ ترتيبه، لكن وقع فِي مسلم منْ رواية سعد بن عُبيدة، عن ابن عمر بتقديم الصوم عَلَى الحج، قَالَ: فَقَالَ رجل: "والحج، وصيام رمضان"، فَقَالَ ابن عمر: لا، "صيام رمضان، والحج"، هكذا سمعت منْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. انتهى، ففي هَذَا إشعار بأن رواية حنظلة التي فيها تقديم الحج مروية بالمعنى، إما لأنه لم يسمع رد ابن عمر عَلَى الرجل؛ لتعدد المجلس، أو حضر ذلك، ثم نسيه، ويبعد ما جَوَّزه بعضهم، أن يكون ابن عمر سمعه منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الوجهين، ونسي أحدهما عند رده عَلَى الرجل، ووجه بعده أن تطرق النسيان إلى الراوي عن الصحابيّ أولي، منْ تطرقه إلى الصحابيّ، وكيف؟ وفي رواية مسلم منْ طريق حنظلة، بتقديم الصوم عَلَى الحج، ولأبي عوانة منْ وجه آخر، عن حنظلة، أنه جعل صوم رمضان قبلُ، فتنويعه دال عَلَى أنه رَوَى بالمعنى، ويؤيده ما وقع عند البخاريّ فِي "التفسير" بتقديم الصيام عَلَى الزكاة، أفيقال: إن الصحابيّ سمعه عَلَى ثلاثة أوجه؟، هَذَا مستبعد، والله أعلم.
[فائدة]: اسم الرجل الذي ردّ عليه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فِي تقديمه الحجّ على الصيام يزيد بن بِشر السكسكي، ذكره الخطيب البغداديّ رحمه الله تعالى فِي