سمع هو الأولى، والأسلم، والاْعظم للأجر؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "نضر الله امرأً، سمع مقالتي، فوعاها، ثم أدّاها كما سمعها، فربّ حامل فقه إلى منْ هو أفقه منه، وربّ حاملٌ ليس بفقيه". انتهى. "المفهم" ١/ ١٦٩.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله عَلَى قولين، فيه نظر؛ لأن الأقوال أكثر، كما بين ذلك فِي "الكوكب الساطع" حيث قَالَ:
نَقْلَ الأَحَادِيثِ بِمَعنَاهُ مَنَعْ … ثَعْلَبُ وَالرَّازِيُ مَعْ قَوْمٍ تَبَعْ
وَالأَكْثَرُونَ جَوَّزُوا لِلْعَارِفِ … وَجَوَّزَ الْخَطِيبُ بِالْمُرَادِفِ
وَقِيلَ إِنْ أَوْجَبَ عِلْمًا الْخَبَرْ … وَقِيلَ إِنْ يَنْسَ وَقِيلَ إِنْ ذَكَرْ
وقلت فِي منظومتي "شافية الغُلَل بمهمات علم الْعِلَل":
اخْتَلَفُوا فِيمَنْ رَوَى بِالْمَعْنَى … أَجَازَهُ الجُمْهُورُ نِعْمَ الْمَهْنَا
فَعَلَهُ جُلُّ الصِّحَابِ وَالتَّبَعْ … وَهوَ الْمُرَجَّحُ الأَحَقُّ بِالتَّبَعْ
دَلِيلُهُ أَنَّ الإلَهَ ذَكَرَا … قِصَصَ مَنْ مَضَى بِغَيْرِ مَا جَرَى
بِهِ كَلَامُهُمْ كَمَا قَالَ الْحَسَنْ … كَذَاكَ أَجْمَعُوا عَلَى الشَّرْحِ الْحَسَنْ
نَصَّ الْكِتَابِ وَالْحَدِيثِ لِلْعَجَمْ … عَلَى لُغَاتهِمْ لِيُفهَمَ الأَتَمُّ
ثُمَّ الْجَوَازُ ذَا لِعَالِمٍ فَقَطْ … لِلُغَةِ الْعَرَبِ بِالْحِفْظِ ضَبَطْ
وِبِمَعَانِيهَا بَصِيرٌ عَالِمُ … بِمَا يُحِيلُ لِلمُرَادِ فَاهِمُ
وَمَنْ عَدَا ذَلِكَ لَا يَرْوِي سِوَى … مَرْوِيِّهِ بِاللَّفْظِ مَثْلَمَا حَوَى
إِذْ قَدْ يُؤَدِّي نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى … مِنَ الْكَثِيرِينَ لِقَلْبِ الْمَعْنَى
وَمَعَتْ طَائِفَةٌ كَابْنِ عُمَرْ … وَقَاسِمٍ وَنَجلِ سِيرِينَ الأَبَرُّ
وَنَجْلِ حَيْوَةٍ وَمَالِكٌ إِذَا … جَا فِي أَحَادِيثِ النَّبِيِّ نُبِذَا
وَجَوَّزَتْ طَائِفَةٌ فِي النَّقْصِ … دُونَ الزِّيَادَةِ لِشَكِّ النَّصِّ
(ومنها): ما قاله القرطبيّ أيضًا: يحتمل أن يكون محافظة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى ترتيب هذه القواعد؛ لأنها نزلت كذلك: الصلاة أوّلاً، ثم الزكاة، ثم الصوم، ثم الحجّ. ويحتمل أن يكون لإفادة الأوكد، فالأوكد، فقد يَستنبط الناظر فِي ذلك الترتيب تقديمَ الأوكد عَلَى ما هو دونه، إذا تعذّر الجمع بينهما، كمن ضاق عليه وقت الصلاة، وتعيّن عليه فِي ذلك الوقت أداء الزكاة؛ لضرورة المستحِقِّ، فيبدأ بالصلاة، أو كما إذا ضاق وقت