(منها): أنه منْ سباعيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فنيسابوريّ، وفيه ثلاثة منْ ثقات التابعين، أو تابعيان، وصحابيّان، عَلَى خلاف سبق آنفاً فِي أبي أُمامة. والله تعالى أعلم.
(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) أنه (قَالَ: حَدثَنِي أَبُو أُمَامَةَ) أسعد (بنُ سَهْلٍ) بن حُنيف (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ) -رضي الله عنه-. هَذَا الذي رواه أكثر أصحاب الزهريّ، واتفق عليه الشيخان، وَقَدْ أخرجه أحمد منْ طريق معمر، عن الزهريّ، عن أبي أُمامة بن سهل، عن بعض أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأبهمه. قاله فِي "الفتح" ٧/ ٤٠٨.
(قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَا) هي "بين" أُشبعت فتحتها، فصارت ألفا، وَقَالَ الجوهريّ:"بينا" فَعْلَى، مشبعة الفتحة، وتضاف إلى الجملة، وهو قوله:(أنا نَائِمٌ، رَأَيْتُ) هو منْ الرؤية البصرية، ويجوز أن يكون منْ الرؤية العلميّة (النَّاسَ) بالنصب عَلَى المفعوليّة، ويجوز رفعه عَلَى الابتداء، وخبره جملة قوله (يُعْرَضُونَ عَلَيَّ) ببناء الفعل للمفعول: أي يُظهرون لي، يقال: عَرَضَ الشيءَ، منْ باب ضرب: إذا أبداه، وأظهره، والجملة عَلَى كون "رأى" بصرية منصوبة عَلَى الحال، وعلى كونها علمية، هي المفعول الثاني، وأما عَلَى رفع "النَّاس" فهي خبره، والجملة مفعول "رأيت".
قَالَ ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى: ما ملخصه: المراد بالناس فِي هَذَا الْحَدِيث المؤمنون؛ لتأويله القميص بالدين، قَالَ: والذي يظهر أن المراد خصوص هذه الأمة المحمدية، بل بعضها، والمراد بالدين العمل بمقتضاه، كالحرص عَلَى امتثال الأوامر، واجتناب المناهي، وكان لعمر -رضي الله عنه- فِي ذلك المقام العالي. انتهى "فتح" ١٤/ ٤٢٨.
[تنبيه]: قد استُشكل هَذَا الْحَدِيث بأنه يلزم منه أن عمر أفضل منْ أبي بكر الصّدّيق رضي الله تعالى عنهما.
[والجواب]: عنه تخصيص أبي بكر منْ عموم قوله: "عُرض عليّ النَّاس"، فلعلّ الذين عُرضوا إذ ذاك لم يكن فيهم أبو بكر -رضي الله عنه-، وأن كون عمر -رضي الله عنه- عليه قميص يجرّه، لا يستلزم أن لا يكون عَلَى أبي بكر قميصٌ أطول منه، وأسبغ، فلعلّه كَانَ كذلك، إلا أن المراد كَانَ حينئذ بيان فضيلة عمر -رضي الله عنه-، فاقتصر عليها. انتهى. "فتح" ٧/ ٤٠٨ - ٤٠٩.
وَقَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: هؤلاء النَّاس المعروضون عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي النوم هم منْ دون عمر فِي الفضيلة، فلم يدخل فيهم أبو بكر، ولو عُرِض أبو بكر -رضي الله عنه-