وقوله: (غَيْرَ مُحَرِّمِهِ) بتشديد الراء المكسورة، منصوب عَلَى الحال منْ فاعل "يكره": أي يكرهه حال كونه غير محرّم إياه، والضمير المجرور لـ"فساد الصبيّ"، فإنه أقرب مذكور. وَقَالَ فِي "جامع الأصول": يعني يكره جميع هذه الخصال، ولم يبلغ حدّ التحريم. كذا قَالَ فِي "المرقاة".
وَقَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: "غيرَ محرّمه" حال منْ ضمير "يَكره"، والضمير للأخير فقط، أو للمجموع بتأويل المجموع، أو المذكور، والمعنى: كرهه، ولم يبلغ به حدّ التحريم، وبعض المذكورات حرام، فالوجه هو الأول. والله تعالى أعلم. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله السنديّ رحمه الله تعالى هو الحقّ، وأما ما قاله نقلاً عن "جامع الأصول"، فإنه غير مقبول، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه هَذَا ضعيف؛ لجهالة عبد الرحمن بن حرملة؛ لأنه لم يرو عنه إلا القاسم بن حسّان، كما تقدّم فِي ترجمته. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٧/ ٥٠٩٠ وفي "الكبرى" ٢٢/ ٩٣٦٣. وأخرجه (د) فِي "الخاتم" ٤٢٢٢ (أحمد) فِي "مسند المكثرين" ٢٥٩٤ و٣٧٦٥ و٤١٦٨. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي اللعب بالنرد:
قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: كل لعب فيه قمار، فهو محرم، أيَّ لَعِبٍ كَانَ، وهو منْ الميسر الذي أمر الله تعالى باجتنابه، ومن تكرر منه ذلك ردت شهادته، وما خلا منْ القمار، وهو اللعب الذي لا عوض فيه منْ الجانبين، ولا منْ أحدهما، فمنه ما هو محرم، ومنه ما هو مباح، فأما المحرم فاللعب بالنرد، وهذا قول أبي حنيفة، وأكثر أصحاب الشافعيّ، وَقَالَ بعضهم: هو مكروه، غير محرم.
ولنا ما رَوَى أبو موسى -رضي الله عنه-، قَالَ: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "منْ لعب بالنردشير، فقد عصى الله ورسوله"، حديث حسن رواه أبو داود، ورَوَى بُريدة -رضي الله عنه-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "منْ لعب بالنردشير، فكأنما غمس يده فِي لحم الخنزير ودمه"، رواه مسلم، وأبو داود، وكان سعيد بن جبير إذا مر عَلَى أصحاب النردشير، لم يسلم عليهم.
إذا ثبت هَذَا فمن تكرر منه اللعب به، لم تقبل شهادته، سواء لعب به قمارا، أو غير