للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اشتغاله بها، وصدها عن ذكر الله والصلاة.

إذا ثبت هَذَا، فَقَالَ أحمد: النرد أشد منْ الشطرنج، وإنما قَالَ ذلك؛ لورود النص فِي النرد، والإجماع عَلَى تحريمها، بخلاف الشطرنج.

وإذا ثبت تحريمها، فَقَالَ القاضي: هو كالنرد فِي رد الشهادة به، وهذا قول مالك، وأبي حنيفة؛ لأنه محرم مثله. وَقَالَ أبو بكر: إن فعله منْ يعتقد تحريمه، فهو كالنرد فِي حقه، وإن فعله منْ يعتقد إباحته، لم ترد شهادته، إلا أن يشغله عن الصلاة فِي أوقاتها، أو يخرجه إلى الحلف الكاذب، ونحوه منْ المحرمات، أو يلعب بها عَلَى الطريق، أو يفعل فِي لعبه ما يستخف به منْ اجله، ونحو هَذَا مما يخرجه عن المروءة، وهذا مذهب الشافعيّ، وذلك لأنه مختلف فيه، فأشبه سائر المختلف فيه. انتهى "المغني" ١٤/ ١٥٤ - ١٥٦.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى منْ تحريم الشطرنج، كالنرد هو الأرجح؛ لوضوح حجّته. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي حكم الرُّقَى، والتَّعْوِيذَات:

قَالَ الإمام البخاريّ فِي "صحيحه" ٥/ ٢١٦٥: "باب الرقَى بالقرآن، والمعوّذات":

٥٤٠٣ - حدثني إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ ينفث عَلَى نفسه، فِي المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيد نفسه؛ لبركتها. فسألت الزهريّ كيف ينفث؟ قَالَ: كَانَ ينفث عَلَى يديه، ثم يمسح بهما وجهه. انتهى.

قَالَ فِي "الفتح": قوله: "باب الرقي" -بضم الراء، وبالقاف، مقصور- جمع رقية - بسكون القاف- يقال: رقى بالفتح- فِي الماضي يَرقِي بالكسر فِي المستقبل، ورقيت فلانا بكسر القاف أرقيه، واسترقى: طلب الرقية، والجمع بغير همز، وهو بمعنى التعويذ بالذال المعجمة. وقوله: "بالقرآن، والمعوذات" هو منْ عطف الخاص عَلَى العام؛ لأن المراد بالمعوذات، سورة الفلق، والناس، والإخلاص، كما تقدّم فِي أواخر "التفسير"، فيكون منْ باب التغليب، أو المراد الفلق والناس، وكل ما ورد منْ التعويذ فِي القرآن، كقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} [المؤمنون: ٩٧]، {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨]، وغير ذلك، والأول أولى، فقد أخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبّان، والحاكم منْ رواية عبد الرحمن بن حرملة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يكره عشر خصال … فذكر فيها