شيطانية، منْ إنسي، أو جني، ويلتحق بالسم كل ما عرص للبدن، منْ قرح ونحوه، منْ المواد السمية، وَقَدْ وقع عند أبي داود، فِي حديث أنس -رضي الله عنه- مثل حديث عمران -رضي الله عنه-، وزاد:"أو دم"، وفي مسلم منْ طريق يوسف بن عبد الله بن الحارث، عن أنس -رضي الله عنه- قَالَ:"رخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي الرقَى منْ العين، والحمة، والنملة". وفي حديث آخر:"والأذن"، ولأبي داود منْ حديث الشفاء بنت عبد الله: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لها:"ألا تعلمين هذه؟ يعني حفصة رقية النملة"، والنملة قروح تخرج فِي الجنب وغيره منْ الجسد. وقيل: المراد بالحصر معنى الأفضل: أي لا رقية أنفع، كما قيل: لا سيف إلا ذو الفَقَار، وَقَالَ قوم: المنهي عنه منْ الرقي، ما يكون قبل وقوع البلاء، والمأذون فيه ما كَانَ بعد وقوعه، ذكره ابن عبد البرّ، والبيهقي، وغيرهما. وفيه نظر، وكأنه مأخوذ منْ الخبر الذي قُرنت فيه التمائم بالرقى، فأخرج أبو داود، وابن ماجه، وصححه الحاكم، منْ طريق ابن أخي زينب امرأة ابن مسعود عنها، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، رفعه:"إن الرقَى، والتمائم، والتولة شرك"، وفي الْحَدِيث قصة.
و"التمائم": جمع تميمة، وهي خرز، أو قلادة، تُعَلَّق فِي الرأس، كانوا فِي الجاهلية يعتقدون أن ذلك يدفع الآفات.
و"التِّوَلَة" -بكسر المثناة، وفتح الواو واللام، مخففا-: شيء كانت المرأة تَجلب به محبّة زوجها، وهو ضرب منْ السحر، وإنما كَانَ ذلك منْ الشرك؛ لأنهم أرادوا دفع المضار، وجلب المنافع منْ عند غير الله، ولا يدخل فِي ذلك ما كَانَ بأسماء الله، وكلامه، فقد ثبت فِي الأحاديث استعمال ذلك قبل وقوعه، كما ثبت منْ حديث عائشة رضي الله عنها أنه -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ إذا أوى إلى فراشه، ينفث بالمعَوِّذات، ويمسح بهما وجهه … الْحَدِيث وفي حديث ابن عباس أنه -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ يعوذ الحسن والحسين بكلمات الله التامة، منْ كل شيطان وهامة … الْحَدِيث، وكلاهما فِي "الصحيح"، وصحح الترمذيّ منْ حديث خولة بنت حكيم، مرفوعا:"منْ نزل منزلا، فَقَالَ: أعوذ بكلمات الله التامات منْ شر ما خلق، لم يضره شيء، حَتَّى يتحول"، وعند أبي داود، والنسائي، بسند صحيح، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن رجل منْ أسلم، جاء رجل، فَقَالَ: لُدِغت الليلة، فلم أَنَم، فَقَالَ له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات منْ شر ما خلق، لم يضرك"، والأحاديث فِي هَذَا المعنى موجودة بكثرة.
لكن يحتمل أن يقال: إن الرقي أخص منْ التعوذ، وإلا فالخلاف فِي الرقي مشهور، ولا خلاف فِي مشروعية الفزع إلى الله تعالى، والالتجاء إليه، فِي كل ما وقع، وما