للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يتوقع.

وَقَالَ ابن التين: الرقي بالمعوذات، وغيرها منْ أسماء الله، هو الطب الروحاني، إذا كَانَ عَلَى لسان الأبرار منْ الخلق، حصل الشفاء بإذن الله تعالى، فلما عز هَذَا النوع، فزع النَّاس إلى الطب الجسماني، وتلك الرُّقَى المنهي عنها، التي يستعملها المعزم وغيره، ممن يدعي تسخير الجن له، فيأتي بأمور مشتبهة، مركبة منْ حق وباطل، يجمع إلى ذكر الله، وأسمائه ما يشوبه منْ ذكر الشياطين، والاستعانة بهم، والتعوذ بمردتهم.

ويقال: إن الحية لعداوتها للإنسان بالطبع، تصادق الشياطين؛ لكونهم أعداء بني آدم، فإذا عزم عَلَى الحية، بأسماء الشياطين أجابت، وخرجت منْ مكانها، وكذا اللديغ إذا رُقي بتلك الأسماء، سألت سمومها منْ بدن الإنسان، فلذلك كُره منْ الرقَى ما لم يكن بذكر الله، وأسمائه خاصة، وباللسان العربي الذي يُعرف معناه؛ ليكون بريئا منْ الشرك، وعلى كراهة الرُّقَى بغير كتاب الله علماء الأمة.

وَقَالَ القرطبيّ: الرقي ثلاثة أقسام: [أحدها]: ما كَانَ يرقى به فِي الجاهلية، مما لا يعقل معناه، فيجب اجتنابه؛ لئلا يكون فيه شرك، أو يؤدي إلى الشرك. [الثاني]: ما كَانَ بكلام الله، أو بأسمائه، فيجوز، فإن كَانَ مأثورا، فيستحب. [الثالث]: ما كَانَ بأسماء غير الله، منْ ملك، أو صالح، أو معظم منْ المخلوقات كالعرش، قَالَ: فهذا ليس منْ الواجب اجتنابه، ولا منْ المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله، والتبرك بأسمائه، فيكون تركه أولى، إلا أن يتضمن تعظيم المرقَى به، فينبغي أن يجتنب كالحلف بغير الله تعالى.

قَالَ الجامع: قوله: ليس منْ الواجب اجتنابه، فيه نظر لا يخفى، فكيف لا يجب اجتنابه وفيه منْ المفسدة ما لا يخفى. والله تعالى المستعان.

وَقَالَ الربيع: سألت الشافعيّ عن الرقية؟، فَقَالَ: لا بأس أن يرقى بكتاب الله، وما يعرف منْ ذكر الله، قلت: أيرقى أهل الكتاب المسلمين؟ قَالَ: نعم إذا رقوا بما يعرف منْ كتاب الله، وبذكر الله. انتهى.

وفي "الموطإ": إن أبا بكر قَالَ لليهوديّة التي كانت ترقي عائشة: ارقيها بكتاب الله. وروى ابن وهب، عن مالك: كراهة الرقية بالحديدة، والملح، وعقد الخيط، والذي يكتب خاتم سليمان، وَقَالَ: لم يكن ذلك منْ أمر النَّاس القديم.

وَقَالَ المازري: اختُلِف فِي استرقاء أهل الكتاب، فأجازها قوم، وكرهها مالك؛ لئلا يكون مما بدلوه، وأجاب منْ أجاز بأن مثل هَذَا يبعد أن يقولوه، وهو كالطب سواء، كَانَ غير الحاذق لا يحسن أن يقول، والحاذق يَأنف أن يُبَدِّل؛ حرصا عَلَى استمرار