إن أمكنت، ولو بالجرح، إلا إن خاف منه تلفاً، أو شيناً، أو فوات منفعة عضو، فيجوز إبقاؤه، وتكفي التوبة فِي سقوط الإثم، ويستوي فِي ذلك الرجل والمرأة. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٥٦٨.
وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرح مسلم": أما الواشمة -بالشين المعجمة- ففاعلة الوشم، وهى أن تغرز إبرة، أو مسلة، أو نحوهما، فى ظهر الكف، أو الْمِعصَم، أو الشفة، أو غير ذلك، منْ بدن المرأة، حَتَّى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل، أو النورة، فيخضرّ، وَقَدْ يفعل ذلك بدارات، ونقوش، وَقَدْ تُكَثِّره، وَقَدْ تقللَّه، وفاعلة هَذَا واشمة، وَقَدْ وَشَمَت تَشِمُ وَشْماً -أي منْ باب وعد- والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك بها، فهى مستوشمة، وهو حرام عَلَى الفاعلة، والمفعول بها باختيارها، والطالبة له، وَقَدْ يُفعل بالبنت، وهى طفلة، فتأثم الفاعلة، ولا تأثم البنت؛ لعدم تكليفها حينئذ، قَالَ أصحابنا: هَذَا الموضع الذي وُشِم يصير نجسا، فإن أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته، وإن لم يمكن إلا بالجرح، فإن خاف منه التلف، أو فوات عضو، أو منفعة عضو، أو شينًا فاحشا فى عضو ظاهر، لم تجب إزالته، فإذا بان لم يبق عليه إثم، وإن لم يخف شيئا منْ ذلك ونحوه، لزمه إزالته، ويعصي بتأخيره، وسواء فى هَذَا كله الرجل والمرأة. والله أعلم. انتهى "شرح مسلم" ١٤/ ١٠٦.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بنجاسة الدم الخارج منْ الجسد غير الحيض ونحوه محل نظر، وَقَدْ تقدّم تحقيقه فِي أبواب الطهارة، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهدا الْحَدِيث.
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٣/ ٥٠٩٧ و٥٠٩٩ - وفي "الكبرى" ٢٩/ ٩٣٧٦ و٩٣٧٨. وأخرجه (خ) فِي "اللباس" ٥٩٤٧ (م) فِي "اللباس" ٢١٢٤ (د) فِي "الترجل" ٤١٦٨ (ت) فِي "الأدب" ٢٧٨٤. وفوائد الْحَدِيث، وبيان اختلاف العلماء تقدما قبل باب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله:(أَرْسَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ) يعني أن الوليد بن أبي هشام خالف عُبيد الله بن عمر، فرواه عن نافع مرسلاً، لكن عبيد الله مقدم فِي نافع عَلَى غيره، فوصله هو المحفوظ، ثم بيّن رواية الوليد بقوله: