للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الْحَدِيث

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه (قَالَ: لَعَنَ) أي دعا باللعن، وهو الطرد والإبعاد، قَالَ ابن الأثير رحمه الله تعالى: أصل اللعن: الطرد، والإبعاد منْ الله، ومن الخلق: السبّ، والدعاء. انتهى "النهاية" ٤/ ٢٥٥. وفي "المصباح": لعنه لَعْنًا، منْ باب نفع: طرده، وأبعده، أو سبّه، فهو لعينٌ، وملعونٌ. انتهى. وفي "اللسان": اللعنُ: الإبعاد، والطرد منْ الخير، وقيل: الطرد، والإبعاد منْ الله، ومن الخلق السبّ، والدعاء، واللعنةُ الاسم. انتهى. (رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، الْوَاشِمَاتِ) هي التي تفعل الوشم -بفتح، فسكون-: وهو غرز الإبرة، أو نحوها فِي العضو حَتَّى يسيل الدم، ثم يُحشى بنورة، أو غيرها، حَتَّى يخضرّ (وَالْمُوتَشِمَاتِ) بضم الميم، وفتح المثنّاة الفوقية، بينهما واو ساكنة، والظاهر أنه مشتقّ منْ الايتشام، افتعالٌ منْ الوشم، وأصله ايتشم، ياتشم، ايتشاماً، فهو مُوتَشِم، ويقال أيضًا: اتّشم يتّشم اتّشامًا، فهو متّشم، بإبدال الواو تاء، وإدغامها فِي تاء الافتعال، ونظيره: ايتصل ياتصل ايتصالا، فهو موتصل، واتصل يتّصل اتِّصالاً، فهو متّصلٌ، قَالَ ابن مالك فِي "خلاصته":

ذُو اللِّينِ فَا تَا فِي افْتِعَالٍ أُبْدِلَا … وَشّذَّ فِي ذِي الْهَمْزِ نَحْوُ ائْتَكَلَا

وفي رواية: "والمستوشمات": وهي التي تطلب أن يُفعل بها ذلك (وَالْمُتَنَمِّصَاتِ) جمع متنمّصة، وهي التي تقلع الشعر منْ وجهها بالمِنماص، وهو الذي يَقلع الشعر، ويقال لها: النامصة (وَالْمُتَفَلِّجَاتِ) جمع متفلّجة، وهي التي تطلب الفَلَج، أو تصنعه، و"الفَلَج" بالفاء، واللام المفتوحتين، ثم جيم-: انفراج ما بين الثنايا، والرباعيات، والتفليج أن يفرج بين المتلاصقين بالمبرد، ونحوه، وهو مختصّ عادةً بالثنايا، والرباعيات، ويُستحسن منْ المرأة، فربما صنعته المرأة التي تكون أسنانها متلاصقة؛ لتصير متفلّجةً، وَقَدْ تفعله الكبيرة توهم أنها صغيرة؛ لأن الصغيرة غالبًا تكون مفلّجةً، حديدة السنّ، ويذهب ذلك فِي الكبر، وتحديد الأسنان يُسمّى الوشر بالراء، وَقَدْ تقدّم النهي عنه أيضًا فِي ٢٠/ ٥٠٩٣ منْ حديث أبي ريحانة رضي الله تعالى عنه، لكنه ضعيف، كما سبق بيانه.

وقوله: (لِلْحُسْنِ) قَالَ السنديّ: متعلّق بـ"المتفلّجات" فقط، أو بالكلّ. انتهى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الاحتمال الثانيّ أولى. والله تعالى أعلم.

وقوله: (الْمُغَيِّرَاتِ) وفي رواية: "المغيّرات خلق الله تعالى" صفة لازمة لمن يصنع الوشم، والنَّمْصَ، والفَلَج، وكذا الوصل عَلَى إحدى الروايات، وفي هَذَا إشارة إلى أن سبب النهي عن هذه الأشياء ما فيها منْ تغيير خلق الله تعالى. والله تعالى أعلم