وقوله: "ولم يقل: لعن" يعني أنه لم يقل فِي النوح "لعن"، وإنما قَالَ: "وكان ينهى".
والحديث مرسل صحيح الإسناد إلى الحارث، وَقَدْ تقدّم قبله موصولاً، وهو الأصحّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
ثم ذكر مخالفة عطاء بن السائب، فَقَالَ:
٥١٠٧ - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ -يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ- عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَالْوَاشِمَةَ، وَالْمُوتَشِمَةَ، وَنَهَى عَنِ النَّوْحِ، وَلَمْ يَقُلْ: لَعَنَ صَاحِبَ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "خلف بن خليفة": هو الأشجعيّ مولاهم، أبو أحمد الكوفيّ، نزيل واسط، ثم بغداد، صدوقٌ اختلط فِي آخره، وادّعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابيّ -رضي الله عنه-، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة، وأحمد [٨] ١١٠/ ١٤٩. و"عطاء بن السائب": هو أبو محمد، أو أبو السائب الكوفيّ، صدوقٌ، اختلط [٥] ١٥٢/ ٢٤٣.
وقوله: "ولم يقل: لعن صاحبه" هكذا فِي بعض نسخ "المجتبى" بإضافة "صاحب" إلى الضمير، وهو الذي فِي "الكبرى"، ووقع فِي معظم نسخ "المجتبى" التي بين يديّ بلفظ: "لَعَنَ صَاحِبَ" بدون ذكر الضمير المضاف إليه، والأولى فِي مثل هَذَا ذكر المضاف إليه، فتأمّل.
والمعنى: أنه لم يذكر لعن صاحب النوح، وإنما ذكره بلفظ "ونهى عن النوح".
والحديث بهذا السند مرسل ضعيف الإسناد؛ لاختلاط عطاء، والراوي عنه، وَقَدْ تقدّم موصولاً، وهو الأرجح. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٥١٠٨ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ تَشِمُ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ، مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا سَمِعْتُهُ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَا تَشِمْنَ، وَلَا تَسْتَوْشِمْنَ").
رجال هَذَا الإسناد: خمسة:
١ - (إسحاق بن إبراهيم) الحنظليّ المعروف بابن راهويه، ثقة ثبت [١٠] ٢/ ٢.
٢ - (جرير) بن عبد الحميد بن قُرْط الضبيّ الكوفيّ، نزيل الريّ وقاضيها، ثقة