ابن جبير، عن ابن عباس، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "البسوا منْ ثيابكم البياض، فإنها منْ خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر، وينبت الشعر". انتهى.
وقوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أي النسائيّ رحمه الله تعالى: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ لَيِّنُ الْحَدِيثِ) أي فِي حديثه ضعف، وهذا الذي قاله تقدّم له نحوه فِي "كتاب الحجّ" ١٨٧/ ٢٩٩٤ - حيث أخرج حديثًا منْ رواية ابن جريج عنه، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-، قَالَ: ابن خثيم ليس بالقويّ، إنما أخرجت هَذَا لئلا يُجعل ابن جريج، عن أبي الزبير، ثم قَالَ: لم يترُك يحيى، ولا عبد الرحمن حديث ابن خُثَيم، إلا أن عليّ بن المدينيّ قَالَ: ابنُ خُثيم منكر الْحَدِيث، وكان عليّ خُلق للحديث. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله منْ تضعيف ابن خيثم نُقل نحوه عن ابن معين، فَقَالَ فِي "تهذيب التهذيب" ٢/ ٣٨٣: وَقَالَ عبد الله بن الدورقيّ، عن ابن معين: أحاديثه ليست بالقوية.
والجمهور عَلَى توثيقه، فقد قَالَ ابن أبي مريم، عن ابن معين: ثقة حجة. وَقَالَ أبو حاتم: ما به بأسٌ، صالح الْحَدِيث. وَقَالَ النسائيّ مرّة: ثقة. وَقَالَ العجليّ: ثقة. وَقَالَ ابن عديّ: هو عزيز الْحَدِيث، وأحاديثه أحاديث حسان. وَقَالَ ابن سعد: كَانَ ثقةً، وله أحاديث حسنة.
فتبيّن بما ذكر أن لابن معين، والمصنّف، قولين: قول وافقا به الجمهور فِي توثيقه، وقول خالفا فيه، والذي وافقا فيه هو الأرجح، فابن خُثيم ثقة، وحديثه صحيح.
والحاصل أن أحاديث ابن خثيم صحيحة؛ ترجيحًا لتوثيق الجمهور عَلَى قول منْ ضعّفه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٨/ ٥١١٥ - وفي "الكبرى" ٣٥/ ٩٤٠٤. وأخرجه (د) فِي "الطبّ" ٣٨٧٨ و"اللباس" ٤٠٦١ (ت) فِي "اللباس" ١٧٥٧ و"الطب" ٢٠٤٨ (ق) فِي "الطب" ٣٤٩٧ (أحمد) فِي "مسند بني هاشم" ٢٠٤٨ و٢٢٢٠ و٢٤٧٥ و٣٣٣٢ و٣٤١٦.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده: