(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان نهي المرأة عن شهود الصلوات إذا أصابت شيئًا منْ البَخُور. (ومنها): أن فيه إشارة إلى جواز حضور النِّساء المساجد للصلاة، إذا لم يتطيّبن، وَقَدْ سبق فِي "كتاب الصلاة" حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، مرفوعًا:"إذا استأذنت أحدَكم امرأته إلى المسجد، فلا يمنعها"، وحديثه:"لا تمعنوا إماء الله مساجد الله"، وَقَدْ شرط العلماء لذلك شروطًا، مأخوذة منْ الأحاديث، وهي: أن لا تكون متطيّبة، ولا متزيّنةً، ولا ذات خلاخل، يُسمع صوتها، ولا ثياب فاخرة، ولا مختلطةً بالرجال، ولا شابّةً، ونحوها ممن يُفتتن بها، وأن لا يكون فِي الطريق ما يُخاف به مفسدة، ونحوها، والنهي عن منعهنّ منْ الخروج محمول عَلَى كراهة التنزيه، إذا كانت ذات زوج، أو سيّد، ووُجدت الشروط المذكورة، فإن لم يكن لها زوجٌ، ولا سيّدٌ حرُم المنع، إذا وُجدت الشروط. هكذا قاله النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرح مسلم" ٤/ ١٦١ - ١٦٢.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "ولا شابّة" فيه نظر؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حينما أمر بالإذن للنساء بالخروج إلى المساجد، ما شرط أن لا تكون شابّة، وإنما شرط أن لا تكون متطيّبة، فالحقّ جوازه لها أيضًا بشروطه. وقوله:"محمول عَلَى الكراهة" فيه نظر أيضًا، فإنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن منع النِّساء عن الخروج إلى المساجد، والنهي للتحريم، ما لم يصرفه صارف، ولا صارف هنا، فالزوج، والسيّد هما منْ جملة منْ نُهي عن منعهنّ المساجد، فالتفريق بينهما، وبين غيرهما منْ الأولياء مما لا دليل عليه، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف. والله تعالى أعلم.
(ومنها): ما قاله النوويّ رحمه الله تعالى: فيه دليلٌ عَلَى جواز قول الإنسان: العشاء الآخرة، وأما ما نقل عن الأصمعيّ أنه قَالَ: منْ المحال قول العامّة: العشاء الآخرة؛ لأنه ليس لنا إلا عشاء واحدة، فلا توصف بالآخرة، فهذا القول غلط؛ لهذا الْحَدِيث، وَقَدْ ثبت فِي "صحيح مسلم" عن جماعات منْ الصحابة -رضي الله عنهم- وصفها بالعشاء الآخرة،